أجرت رابطة أمهات المختطفين مقابلة صحفية مع المحامية “هدى الصراري” الحاصلة على جائزة أورورا للصحة الإنسانية، للوقوف على وضع المختطفين والمخفيين قسراً ودورالمنظمات المحلية والدولية في معالجة أوضاعهم والضغط على الجهات المعنية لسرعة الإفراج عنهم، وكذا ما توصلت إليه المباحثات والمشاورات والاتفاقات بين الأطراف اليمنية.
المحامية “هدى الصراري”، حصلت على جائزة أورورا فماذا تعني هذه الجائزة؟ ولماذا أهديتها لأمهات المعتقلين والمخفيين قسراً؟
حصولي ع جائزة الأورورا للصحة الإنسانية جاء لقاء عملي بملف انتهاك الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والذي لولا مساعدة وتعاون الأمهات في هذا الملف الذي أعطاه مصداقية من واقع إيمان الأمهات بضرورة وصول أولادهن وذويهن للعدالة، ونقل المعلومات والإفادات ومساعدتنا كراصدين في الوصول لبيانات واعترافات بشعة، ماكنا نستطيع التوصل إليها لولا مساعدتهن ،عوضا عن أن الأمهات يمثلن بالنسبة لي نبراسا وعامل قوة أستمد منه الإرادة ومواصلة العمل في هذا الملف الشائك، انطلاقا من كوني أم فقدت ولدها وأشعر بما تمر به الأمهات.
ماهي المخاطر التي تواجهها المدافعات عن حقوق الإنسان في اليمن؟
تواجه اليوم المدافعات عن حقوق الإنسان في كل اليمن العديد من المخاطر نتيجة تعدد أطراف الصراع ونتيجة الاختلال الأمني واندلاع المواجهات المسلحة بين أطراف الصراع من حين إلى آخر يضفي مزيدا من المخاطر،إلى جانب أن عملية الرصد والتوثيق والتحقق من الانتهاكات لن ترضي أحدا من أطراف الصراع كونها تسلط الضوء على مختلف الجرائم المرتكبة بحق الأبرياء وفضحها للمنظمات الدولية والرأي العام المحلي والخارجي.
في ظل تصدر المرأة الجهود الإغاثية والإنسانية أثناء الحرب، هل تتوقعين حضوراً فاعلاً لها في صناعة القرار السياسي خلال الفترة القادمة؟
للأسف مازالت القيادات السياسية بكافة طوائفها واختلاف مشاربها لا تؤمن بالشراكة الحقيقة للمرأة، بالرغم من أنها أثبتت جدارتها في كافة المنعطفات الصعبة التي مرت بها اليمن، لكن أثناء إقامة أي حوار أو تفاوض أو صناعة قرار تستبعد المرأة، لسبب بسيط أن المرأة هي داعية سلام ولن تسمح بإراقة مزيدا من الدماء بين أبناء الوطن الواحد، وستعبر باليمن من الخندق الذي أدخلتنا به أطراف الصراع أكانت محلية أو إقليمية وهذا بالطبع لن يسمح به أمراء الحرب.
ماهي المطالب الحقوقية الرئيسية التي تضعونها كناشطين ومنظمات حقوقية في اللقاءات والمؤتمرات والفعاليات الدولية للمنظمات باسم المختطفين والمخفيين قسرا؟ وهل تلقى التجاوب المأمول؟
أهم المطالب هي تحقيق العدالة للمعتقلين والكشف عن مصير المخفيين ومعاقبة المنتهكين مهما كان ارتباطهم بدول كبرى تعطي لهم الضوء الأخضر بالسماح بممارسة الانتهاكات بحق مواطني اليمن ،ونطالب بتوقف الانتهاكات سريعا والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بتفتيش السجون و المعتقلات للاطلاع على أوضاع المعتقلين فيها ،لن نتوانى بفضح تلك الممارسات المستمرة بحق شعبنا من كل أطراف الصراع وسنظل نعمل
حتى نحقق العدالة والتعويض وجبر الضرر لهم.
ما هو تقييمك لأداء المنظمات الحقوقية في اليمن؟
للأسف أن المنظمات المحلية تعمل تحت الحد الأدنى من المعايير الحقوقية، وتستمر بغض الطرف عن الانتهاكات والممارسات التي تقوم بها أطراف الصراع وتخترق القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان ويتماشى البعض منها مع المماحكات السياسية بفضح طرف دون الطرف الآخر، متناسين حقوق الضحايا بالإنصاف والعدالة والاقتصاص من الجناة.
من خلال جهودك الكبيرة، ماذا يقع على عاتق الجهات المحلية والمنظمات الدولية والأمم المتحدة؟ وما الذي يمكن أن يقدموه لإنقاذ المختطفين والمخفيين قسرا؟
العديد من الأشياء تقع على عاتق المنظمات المحلية أولاً والدولية أيضاً من خلال توثيق الانتهاكات بحياد وموضوعية والتحقق من الوقائع لتحديد الأطراف المنتهكة، كل ذلك يصب في بوتقة تدعيم الملف الحقوقي اليمني المثقل بالانتهاكات، وفضح المتسببين بالجرائم أمام المجتمع الدولي، والمطالبة بإلزامهم باحترام القوانين الدولية، وتجنيب الأبرياء الانتهاكات والتقيد بالقوانين والتشريعات الوطنية والدولية ،كذلك عملية توثيق ملفات الانتهاكات مهمة في تقديمها للقضاء والتحرك بها دولياً للسعي لمحاكمة المنتهكين والاقتصاص للضحايا.
كمحامية هل تلقى قضايا الاختطاف والتعذيب تجاوباً في مؤسسات القضاء؟
للأسف لا يتعاطى القانون إلا مع ما يصل إليه من جهات إنفاذ القانون الرسمية من مؤسسات الدولة، بينما الجهات القائمة بالاعتقالات و الإخفاءات هي جهات خارجة عن إطار الدولة، بالتالي لا تقوم بتنفيذ القانون واجراءات القبض والإحالة للقضاء وإلا ماكنا أطلقنا عليها انتهاكات، لأنها تخالف النصوص القانونية والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية.
كيف يمكن للمجتمع المحلي مساندة ضحايا الاعتقال والإخفاء القسري؟
الوقوف بجانب الضحايا وأسرهم ودعمهم ومناصرة قضيتهم أمام الجهات التي قامت بالانتهاك والمطالبة بالوقف الفوري للانتهاكات وتفعيل مؤسسات الدولة والقضاء، التي تحمي حقوق الإنسان، وإحالة المتسببين للقضاء لنيل جزائهم الرادع، لضمان عدم العودة وتشكيل شبكة رصد وتوثيق من المجتمع المدني مراقب لحالة حقوق الإنسان في اليمن.
هل نستطيع القول بأن المحادثات والاتفاقات التي تتم بين الأطراف اليمنية المختلفة حققت شيء ملموساً على واقع المختطفين والمخفيين قسراً؟
لا بالطبع، لم تحقق شيء بدليل مواصلة الأطراف المنتهكة القيام بالانتهاكات.
طالما شاركت وتضامنت مع أمهات المخفيين قسراً، فما النصيحة التي تقدمينها إليهن لتحقيق مطالبهن ولقائهن بأبنائهن؟
في بداية مسيرتهن المطالبة بأولادهن كانت أصواتهن خافتة، واليوم استطعن إسماع العالم بأجمعه والأطراف المنتهكة، واستطعن توجيه المنظمات الدولية والرأي العام الدولي، للإنصات لهن، اليوم أستطيع القول أنهن مصدر قوة للمدافعين عن حقوق الإنسان وحثهم لمواصلة مسيرة الدفاع والعطاء.
شكراً جزيلاً لأمهات المعتقلين والمخفيين قسراً، كنتن ومازلتن نبراساً لنا.