تعز – يونيو 2025
في خطوة غير مسبوقة لتأهيل المجتمع اليمني على مفاهيم العدالة الانتقالية، اختتمت رابطة أمهات المختطفين بالشراكة مع منظمة سام للحقوق والحريات ، بدعم من معهد DT الأمريكي، برنامجًا تدريبيًا مكثفًا ضمن مشروع SPARK، شارك فيه أكثر من 100 متدرب ومتدربة (نصف المشاركات نساء) من مختلف المحافظات اليمنية لمدة شهر ونصف ، بهدف تعزيز الفهم العملي لمفاهيم العدالة الانتقالية وفتح قنوات حوار مجتمعي نحو مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا.
تدريب متعدد المحاور
تضمن البرنامج عشر وحدات تدريبية نُفذت عبر خمس مجموعات تفاعلية، جمعت بين الدراسة الذاتية عبر منصة جوجل كلاس والنقاشات الجماعية الدورية، مع توفر اختبارات لكل وحدة ومراجع للقراءة الذاتية، متناولة موضوعات جوهرية مثل: العدالة الجندرية، حقوق الأطفال، التوثيق والمصالحة المجتمعية، بناء السلام، جبر الضرر.
عدالة… لا تقتصر على المحاسبة
تقول شيماء الصلاحي، ناشطة حقوقية شاركت في التدريب: تعلمت في التدريب أن العدالة الانتقالية ليست فقط محاسبة، بل إعادة اعتبار للضحايا، وضمان لعدم تكرار الانتهاكات، ورسم طريق لمستقبل جديد تشاركي لا يُقصي أحدًا.”
تضيف شيماء أن التدريب غيّر نظرتها للعدالة من كونها “عقابًا” إلى كونها “مصالحة عادلة” ترتكز على الاعتراف، والإنصاف، والإدماج.
استثمار استراتيجي للسلام المستدام
فراس حمدون، مدير أول للبرامج في معهد DT الأمريكي، أوضح في تصريح خاص أن دعمهم لهذا التدريب يأتي من إيمان راسخ بأن العدالة الانتقالية هي حجر الزاوية في مسار بناء السلام في اليمن، مضيفًا: “نهدف من خلال هذا البرنامج إلى سد الفجوة المعرفية وبناء شبكة من الفاعلين المحليين القادرين على تصميم وتنفيذ مبادرات عدالة انتقالية حقيقية.”
كما أشار إلى أن التدريب هو جزء من خطة ثلاثية ضمن مشروع SPARK، تبدأ بتقييم السياق اليمني، تليها مرحلة بناء القدرات، وتنتهي بتعزيز الحوار الوطني والدولي حول مسارات العدالة في اليمن.
تدريب رغم التحديات… ونواة لمنهجية يمنية
المدرب مروان الشيباني أكد أن التدريب واجه تحديات مثل ضعف الإنترنت وضيق وقت بعض المشاركين، وغياب فهم دقيق لمفهوم العدالة الانتقالية لدى الكثير من المتدربين ، لكنه أضاف ” لكننا استطعنا تقليص الفجوة المعرفية وفتح نقاشات غنية حول النماذج المختلفة للعدالة الانتقالية حول العالم، مع الحرص على صياغة محتوى لا يثير الحساسيات، بل يركّز على البُعد المنهجي والحقوقي.”
وأضاف أن التفاعل والحماس الذي أبداه المشاركون، خاصة خلال عرض مقترحاتهم لمبادرات محلية مستقبلية، كان دليلًا واضحًا على نجاح التدريب واستعداده ليكون منصة انطلاق لتجربة يمنية في العدالة الانتقالية.
أثر مستدام ومجتمع يقود مستقبله
يطمح القائمون على البرنامج إلى بناء شبكة دائمة من خريجي التدريب لدعمهم في تنفيذ مشاريع مصالحة محلية، وتطوير محتوى تدريبي متجدد، وخلق مساحات للحوار ومناصرة العدالة، بالتوازي مع دعم مؤسسات المجتمع المدني المحلي للقيام بدور محوري في هذه المسيرة.
“لا نرسم عدالة مستوردة بل نؤسس لعدالة يمنية خاصة بنا” – بهذه العبارة لخّصت شيماء الصلاحي روح التدريب، ووضعت حجر الأساس لما قد يكون منطلقًا حقيقيًا لعدالة انتقالية يمنية شاملة تبدأ من القاعدة المجتمعية، لا من النخبة السياسية فقط.

