في الوقت الذي نأمل فيه انفراجة لجميع المختطفين والمخفيين قسراً في جميع السجون باليمن، فوجئنا يومنا هذا السبت 11 أبريل 2020م، ومن مبنى المحكمة الجزائية بصنعاء المتخصصة والتي صدر قرارمن مجلس القضاء الأعلى بنقلها إلى محافظة مأرب في العام 2018م، لتكون به منعدمة الولاية بصنعاء، بإعلان القاضي محمد مفلح المعين من جماعة الحوثي حكماً سياسياً بإعدام أربعة صحفيين وهم: (عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، أكرم الوليدي، حارث حميد) ومعاقبة ستة صحفيين آخرين بالحبس لعدة سنوات وهم: (هشام طرموم، هشام اليوسفي، هيثم الشهاب، عصام بلغيث، حسن عناب، صلاح القاعدي).
وكانت جماعة الحوثي قد اختطفت صلاح القاعدي من الشارع في 28 اغسطس2015م، بينما اختطفت تسعة صحفيين الآخرين في الـ 9 يونيو 2015م من فندق قصر الأحلام بأمانة العاصمة، والذي كان مقراً لعملهم الصحفي بعد أن حاصروا الفندق من الساعة الـ 9 ليلا حتى الساعة الـ 4 فجرا، ثم داهموا الفندق واختطفوهم، ونهبوا ممتلكاتهم الشخصية، موجهين إليهم تهمة واحدة هي عملهم في الصحافة، في الحين الذي يعطي قانون الصحافة والمطبوعات اليمني في مبادئه العامة حرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات كحق من حقوق المواطنين، والذي نصت مواده على أن الصحافة مستقلة تمارس رسالتها بحرية، وأنه لا يجوز التعرض لنشاطها إلا وفقاً لإحكام القانون، وأعطى الصحافة الحرية فيما تنشره وفي استقاء الأنباء والمعلومات من مصادرها، وكفل الحماية لحقوق الصحفيين والمبدعين، وتوفير الضمانات القانونية اللازمة لممارسة المهنة، وحقهم في التعبير دون تعرضهم لأي مسالة غير قانونية.
واقتاد الحوثيون الصحفيين المختطفين التسعة إلى قسم شرطة الأحمر بالحصبة ثم نقلوهم بتاريخ 11 يونيو 2015م إلى وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لإدارة البحث الجنائي بوزارة الداخلية، الكائنة في شارع العدل وسط العاصمة صنعاء.
وفي الـ 13 من يوليو 2015م، اقتادوهم إلى جهة مجهولة، وأخفو قسراً ستة أشهر، تبين فيما بعد أنهم كانوا محتجزين خلالها في سجن احتياطي الثورة التابع لمنطقة آزال بصنعاء، وأنهم قد تعرضوا فيه للتعذيب الشديد، ثم تم نقلهم إلى سجن احتياطي هبرة في الـ 25 من أبريل 2016م، وتعرضوا كذلك فيه للتعذيب الشديد، وأعلنوا الإضراب عن الطعام في الـ 9 مايو 2016م للمطالبة بإطلاق سراحهم، ليعاقبهم الحوثيون بنقلهم بعد خمسة عشر يوماً إلى جهة مجهولة، وبعد بحث مستمر لثلاثة أشهر في سجون صنعاء، وقفت أثناءها والدة الصحفي عبدالخالق تستند على عكازتها ترافقها والدة الصحفي صلاح القاعدي على باب سجن الأمن السياسي لساعات طويلة وأيام متتالية متظاهرتان بالقوة ودموع أعينهما لا تتوقف، تمكنت عائلاتهم من معرفة مكان احتجازهم وهو سجن الأمن السياسي بصنعاء.
وخلال فترة اختطافهم الطويلة تعرضوا للتعذيب الشديد وتم تصويرهم، وابتزازهم نفسياً ومالياً، ودفع ذويهم مبالغ مالية كبيرة لوساطات تنتمي لجماعة الحوثي مقابل إطلاق سراحهم ولم يتم ذلك، كما تلقوا وعوداً كبيرة في زيارات متعددة لقيادات حوثية بقرب إطلاق سراحهم، واستصدار مايسمى “عفو”، ولكنها ذهبت أدراج الرياح.
وعملت جماعة الحوثي بعد توقيع إتفاق استكهولم على إيهامهم بإطلاق سراحهم خلال أيام، ولم يكن ذلك إلا وسيلة جديدة للضغط النفسي عليهم.
وفي منتصف إبريل 2019م قام مدير سجن جهاز الامن والمخابرات “الأمن السياسي” بالاعتداء عليهم بالضرب المبرح ونقلهم إلى زنازين انفرادية، ومصادرة ملابسهم وأدويتهم، وحرمانهم من زيارة عائلاتهم طيلة أسبوعين، ثم عاود مدير السجن في الـ 14من مايو 2019م الاعتداء عليهم بالضرب المبرح والتلفظ عليهم بألفاظ نابية.
ويعاني الصحفيون من عدة أمراض مزمنة، كما يشتكون من التسمم الغذائي المستمر، وآلام المعدة والكلى، وآلام المفاصل والعمود الفقري، ولم يتم عرضهم على أطباء متخصصين.
في 22 يونيو 2017م تم إحالة ملف الصحفيين بعد اختطاف استمر خمسة أعوام بدون مسوغ قانوني، إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء والمنعدمة الولاية، وهي محكمة غير مختصة بالنظر في قضيتهم، بعد إعادة النيابة الجزائية -وهي أيضاً غير مختصة بالتحقيق في قضيتهم- ملفاتهم إلى سجن الأمن السياسي لعدم استيفائها، وسلامة موقفهم القانوني.
بدأ القاضي محمد مفلح جلسات المحاكمة في 29 ديسمبر 2019م، بإجراءاتها غير إعتيادية ومشددة اعترض عليها المحامون بإعتبار أن هذا يعد إخلال بمبدأ علانية المحاكمة، كما أن القاضي وجه بإخراج المحامين من قاعة الجلسة، وبعدم الترافع أمامه في اعتداءٍ واضح على أهم حقوق الصحفيين المختطفين القانونية، ولم يتوقف الأمر عن منع المحامين من الترافع وتقديم الدفوعات بل وصل الأمر إلى عقد القاضي جلسة لإصدار الحكم على الصحفيين بدون علم محاميهم.
وإذ نلقي هذه المحاكمة السياسية والباطلة قانوناً بظلالهم على جدية جماعة الحوثي في تنفيذ إتفاق السويد والذي يقضي بإطلاق شامل لسراح المختطفين والمعتقلين والمخفيين قسراً، فإننا نحمل جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن حياة وحرية أبنائنا الصحفيين.
وندعو المبعوث الخاص وبدعم واضح وحازم من مجلس الأمن والأمم المتحدة لإدانة هذه الجريمة والتي تتدثر بالقانون زيفاً وبطلاناً للضغط المفضي إطلاق سراح جميع الصحفيين المختطفين بشكل فوري، وإيقاف استخدام الحوثيين لقضيتهم العادلة في المزايدات السياسية والمصالح العسكرية.
كما ندعو نقابة الصحفيين اليمنيين للإضطلاع بقضية زملائهم الصحفيين وإنقاذهم من خطر قد أصاب حياتهم وحريتهم، وندعو المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمنظمات المحلية والدولية العمل لإنقاذ أبنائنا الصحفيين المختطفين.
كما نناشد اتحاد الصحفيين الدوليين والذي لطالما زادتنا مناصرته لحق أبنائنا الصحفيين بالحرية قوة، وجميع الصحفيين افي داخل اليمن وخارجه إلى رفع مستوى ضغوطهم وبشكل مكثف حتى يتم إطلاق سراح الصحفيين المختطفين.
وندعو منظمة العفو الدولية والتي رافقت قضية أبنائنا الصحفيين المختطفين منذ الفترات الأولى لإخفائهم أن تخصص هذه الفترة من حملتها التي تمتد لعام من أجل المختطفين والمعتقلين في اليمن عن المختطفين والمعتقلين الصحفيين.
صادر عن رابطة أمهات المختطفين – صنعاء 11/ أبريل/ 2020م
#أنقذوا_الصحفيين_المختطفين
#الحرية_للصحفيين_المختطفين
#حرية_ولدي_أولاً