نظّم منتدى سفراء العدالة الانتقالية جلسة نقاشية افتراضية، تناولت فرص المصالحة الوطنية وآليات تطبيق العدالة الانتقالية في اليمن، بمشاركة حقوقيين وناشطين وخبراء قانونيين، وذلك ضمن جهود رابطة أمهات المختطفين لتعزيز الوعي المجتمعي بالعدالة الانتقالية وحماية حقوق الضحايا.
وفي افتتاح الجلسة، أكدت القاضية إشراق المقطري، مُيسّرة الجلسة، أنّ طرح موضوع المصالحة بات ضرورة ملحّة في ظل النقاشات الدائرة حاليًا حول العدالة الانتقالية، خصوصًا بعد صدور تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن، مشيرةً إلى أهمية مشاركة خبرات متنوعة من الواقع الميداني ومنظمات المجتمع المدني.
من جانبها، استعرضت منسقة منتدى سفراء العدالة الانتقالية، أهداف المنتدى الذي يضم في عضويته حتى الآن 240 عضواً من الضحايا والناجين والإعلاميين والحقوقيين ، وتركّزت محاور الجلسة على أهمية شمول جميع الضحايا وعدم حصر الانتهاكات في مراحل سياسية محددة، مع التأكيد على استخدام الوثائق الوطنية السابقة مثل وثيقة العهد والاتفاق والمبادرة الخليجية كمرجعيات يمكن البناء عليها في أي مسار عدالة قادم.
🔹 ضرورة تجاوز “عدالة المنتصر”
أوضح الدكتور عادل دشيلة في مداخلته أن اليمن تواجه “فوبيا من العدالة الانتقالية” نتيجة التجارب السابقة، داعياً لتحويلها من عدالة انتقامية أو عدالة المنتصر إلى عدالة فعلية تقوم على إجراءات عملية تشمل التعويض وجبر الضرر وإدراج حقوق الضحايا في أي اتفاق سياسي مستقبلي.
وأشار إلى تجارب دولية مثل الأرجنتين ورواندا وتشيلي، مبرزًا كيف ساهمت حركات الضحايا في دفع مسار كشف الحقيقة والمساءلة حتى بعد سنوات طويلة.
🔹 تحديات تطبيق العدالة في ظل الحرب
طرحت مداخلات عدة مخاوف حول صعوبة تطبيق العدالة الانتقالية في ظل استمرار الحرب وغياب مؤسسات الدولة وضعف القضاء وانعدام الثقة بين الأطراف.
وأكد المتحدثون أن غياب الإرادة السياسية سابقًا أسهم في فشل جهود العدالة بعد 2011، وأن التأخر في إنصاف الضحايا ساهم في استمرار الصراع الحالي.
كما تمت الإشارة إلى الانقسام القضائي وتدخل القوى المسلحة، ما أدى إلى تقويض دور القضاء وعرقلة أي مسار قضائي للانتصاف.
العدالة ليست مشروطة بوقف الحرب
رغم التحديات، أكد المشاركون أن العدالة الانتقالية لا ترتبط بمرحلة ما بعد الحرب فقط، بل يمكن البدء بإجراءات متوازية حالياً كالتوثيق والدعم النفسي والاجتماعي وبرامج جبر الضرر.
وتم التأكيد على أن استمرار التوثيق والمناصرة يبني قاعدة صلبة لما بعد التسوية السياسية، ويمنع طمس حقوق الضحايا.
🔹 الاستفادة من التجارب الدولية بما يلائم اليمن
ناقشت الجلسة إمكانية استلهام تجارب دولية ناجحة أو جزئية في العدالة الانتقالية، مع ضرورة صياغة نموذج خاص باليمن يحترم الخصوصية المجتمعية ولا يغفل حقوق الضحايا.
🔹 مبادرات قائمة على الأرض
استُعرضت في الجلسة مبادرات محلية في إطار العدالة التصالحية، أبرزها مبادرة إعادة منازل منهوبة لأصحابها في تعز،و مبادرات صلح وتعويض وجبر للضرر بين جهات عسكرية وأسر ضحايا من المهمشين ، وهي خطوات اعتُبرت نماذج تُثبت أن بناء السلام يبدأ بخطوات إنسانية ملموسة حتى قبل انتهاء الحرب.
اختُتمت الجلسة بعدة توصيات ابرزها إدراج العدالة الانتقالية كأولوية في أي مفاوضات سلام أو تسوية سياسية قادمة والعمل على إصلاح مؤسسات القضاء وبناء ضمانات عدم الإفلات من العقاب ، والتأكيد أن العدالة والمصالحة مساران متلازمان، وأن حماية حقوق الضحايا تمثل أساس أي مصالحة يمنية مستدامة تضمن عدم تكرار جرائم الماضي.




