في نقاش معمق ومسؤول، استضافت مدينة تعز اليوم جلسة نقاش بؤرية جمعت نخبة من الخبراء والمحللين السياسيين والأكاديمين والحقوقيين لمناقشة “تاريخ الصراعات والتسويات السياسية والتدخلات الخارجية في اليمن”، وذلك في إطار الجهود الرامية لبناء رؤية مشتركة لإمكانية تطبيق العدالة الانتقالية في اليمن .
الجلسة، التي نظمتها رابطة أمهات المختطفين بالشراكة مع منظمة سام للحقوق والحريات وبدعم من معهد (DT )، هدفت إلى تحليل الأسباب الجذرية للصراعات المتعاقبة التي شهدتها البلاد منذ عام 1962 وحتى اليوم، وتقييم آثارها الكارثية على الدولة والمجتمع والبحث عن نماذج تسويات ومصالحات واليات لتطبيق العدالة الانتقالية في اليمن .
واستعرض المشاركون في الجلسة أبرز المحطات التاريخية للصراع في اليمن، بدءاً من الصراع الجمهوري-الملكي، مروراً بالصراعات بين شطري اليمن، وحروب صعدة الست، وصولاً إلى الحرب الدائرة منذ عام 2014. وأجمع الحاضرون على أن غياب مشروع الدولة الجامعة، وفشل التسويات السياسية السابقة في معالجة المظالم الحقيقية، وتغليب المصالح الضيقة على المصلحة الوطنية، كانت عوامل رئيسية في تكرار دوامات العنف.
وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت أمة السلام الحاج رئيسة رابطة أمهات المختطفين أن “فهم الماضي هو الخطوة الأولى نحو بناء مستقبل لا تتكرر فيه مآسي اليوم “، مشيرة إلى أن هذه الجلسة تأتي ضمن سلسلة من الفعاليات التي تسعى لإنضاج رؤية وطنية حول العدالة الانتقالية تضع الضحايا في صميم أي حل سياسي قادم.
من جانبه، أوضح ميسر الجلسة البؤرية د.نبيل الحكيمي أن “النقاش المسؤول والمعمق حول أسباب الصراع هو ضرورة ملحة للخروج من الأزمة الحالية”، مضيفاً أن “دعم مثل هذه الحوارات يهدف إلى خلق مساحة للتفكير النقدي الذي يمكن أن يسهم في صياغة سياسات مستدامة للسلام”.
وركز النقاش بشكل خاص على مفهوم العدالة الانتقالية كأداة ضرورية لكسر حلقة العنف. وتباينت آراء الخبراء حول الفترة الزمنية التي يجب أن تشملها، والآليات الأنسب للتطبيق في السياق اليمني، والأولويات بين تحقيق المصالحة السياسية العاجلة والبدء في مسار العدالة الشامل.
واختتمت الجلسة أعمالها بالاتفاق على أن أي سلام مستدام في اليمن يتطلب وجود إرادة سياسية حقيقية، وبناء مؤسسات دولة قوية، والاعتراف بحقوق الضحايا وجبر ضررهم، ومساءلة المتورطين في الانتهاكات، وحفظ الذاكرة الجماعية لضمان عدم تكرار المآسي.
الجدير ذكره أن هذا النشاط يأتي ضمن انشطة مشروع SPARK و منتدى العدالة التصالحية ، ومن المقرر أن تُستخدم مخرجات هذه الجلسة، إلى جانب جلسات أخرى قادمة ، في صياغة ورقة سياسات مفصلة تُرفع إلى صناع القرار والأطراف المعنية محلياً ودولياً.







