رابطة أمهات المختطفين ومنظمة سام للحقوق والحريات، تنظمان ندوةً لإطلاق دراسة بعنوان “الطريق نحو السلام”

أطلقت رابطة أمهات المختطفين بالشراكة مع منظمة سام للحقوق والحريات، دراسة ميدانية بعنوان “الطريق نحو السلام ” والتي تتناول رؤية المجتمع المحلي حول إمكانية وآليات تنفيذ العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية لدعم السلام في اليمن، جاء ذلك في ندوة نقاشية تم عقدها يوم الخميس الماضي، 24 أبريل، على منصة” زوم”

وضمت الندوة خبراء وناشطين حقوقيين، ناقشوا خلالها أولوية إنصاف الضحايا، كخطوة محورية نحو تحقيق المصالحة الوطنية وبناء مستقبلٍ أكثر عدلاً، وذلك ضمن أنشطة برنامج “سبارك” بدعمٍ من معهد DT

وافتتحت الندوة رئيسة رابطة أمهات المختطفين” الأستاذة أمة السلام الحاج بكلمةٍ استهلتها بالترحيب بالحاضرين، وأكدت فيها على أهمية العدالة الانتقالية كمدخل أساسي لتحقيق سلام مستدام في اليمن، بقولها” إذا كنا نريد العبور إلى مستقبلٍ آمن فلا مجال للتعامي عن ذلك الإرث الثقيل من ضحايا الانتهاكات.

وأضافت”لا يمكن للمجتمع أن يتعافى بشكل حقيقي ما لم تُسمع فيه أصوات الضحايا، ويعاد لهم اعتبارهم، ويساهمون في تصميم وتنفيذ آليات العدالة الانتقالية وفق الأولويات التي يرونها؛ لأنهم هم الأكثر تأثرا بالانتهاكات التي ارتكبت خلال فترة النزاع”.

وأكدت الحاج أن” العدالة الانتقالية التي تعترف بمعاناة الضحايا وتجبر الضرر الذي لحق بهم، وتحاسب مرتكبي الانتهاكات وتعمل على ضمان عدم تكرارها، هي الأساس الصحيح لمستقبل تنعم فيه اليمن بالاستقرار والسلام الحقيقي المستدام”.

كما دعت الحاج النشطاء ومنظمات المجتمع المدني لأن يكونوا جسرا يربط بين الضحايا ومراكز صنع القرار، وأن يعملوا على رفع أصوات الضحايا والاستجابة لمطالبهم بضرورةِ أن تتضمن العدالة الانتقالية المرتقبة نهجًا مرنًا يتبنى المصالحة ولا يغفل عن مساءلة مرتكبي الانتهاكات.

ولفتت إلى أن” نشر الوعي المجتمعي بمفاهيم العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان يتعاظم يوما فيوم، وهذا يضعنا كنشطاء حقوقيين وإعلاميين ومنظمات في واجهة المسؤولية للقيام بواجب التوعية المجتمعية ونشر المعرفة بمبادئ العدالة الانتقالية وآلياتها”.

بدوره أكد الأستاذ فراس حمدوني” مدير برامج اليمن في معهد DT” أن” تحالف ميثاق العدالة لليمن الذي يضم عشر منظمات مجتمع مدني من مختلف أنحاء اليمن، بدأ عمله بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وفقًا للمعايير الدولية، قبل أن يتطور إلى منصة قوية للمناصرة، مبيناً أن التحالف” تولى مؤخرًا دورًا قياديًا في بناء قدرات المجتمع المحلي وتعزيز وعيه بمفاهيم العدالة الانتقالية”.

وأشار حمدوني إلى” إطلاق نشاط تدريبي استهدف أكثر من 150 مشاركًا في مجال العدالة الانتقالية”.

كما أفصح عن” تنفيذ مبادرات للعدالة التصالحية، والاستعداد لعقد مؤتمر دولي للجهات الفاعلة في مجال العدالة الانتقالية، العام المقبل.

وشدد حمدوني على أن العدالة الانتقالية في اليمن ليست مجرد إطار فني، بل هي جزء جوهري من عملية التعافي وإعادة بناء المجتمع، مؤكدًا أن لا سلام مستدام بدون عدالة حقيقية ومساءلة.

من جهته، عرض ” دان ويلكوفسكي- وهو باحث أول في معهد DT” المنهجية المتبعة التي استندت إليها الدراسة، موضحا أن البحث” اعتمد على مقابلات معمقة ومجموعات نقاش بؤرية أجريت في ست محافظات يمنية”.

وأشار إلى أن” الدراسة هدفت إلى الإجابة عن ثلاثة أسئلة عن تحديد أولويات الضحايا في قضايا العدالة وجبر الضرر، واستكشاف آراء المجتمع المدني حول آليات العدالة الانتقالية المناسبة لليمن، ومدى استعداد منظمات المجتمع المدني للمشاركة في تصميم وتنفيذ آليات العدالة الانتقالية.

وقدمت الندوة عرضًا تفصيليًا لأهم نتائج الدراسة الصادرة تحت عنوان “الطريق نحو السلام”، والتي أعدها عضوا تحالف ميثاق العدالة لليمن، رابطة أمهات المختطفين ومنظمة سام للحقوق والحريات، بتمويل من معهد DT ، والتي هدفت إلى فهم تصورات اليمنيين حول العدالة الانتقالية، واستطلاع آراء الضحايا وخبراء في هذا المجال.

أظهرت النتائج أن 79% من المشاركين تعرضوا أو أحد أفراد أسرهم لانتهاكات مباشرة، مما يعكس حجم المأساة الإنسانية وتعمّق الأثر النفسي والاجتماعي لدى الضحايا.

وتناول النقاش محاور رئيسية عديدة، من بينها: آليات تعويض الضحايا، دور المؤسسات الرسمية، والتحديات التي تواجه تنفيذ العدالة الانتقالية، وأهمية إشراك الضحايا والفئات المهمشة في صياغة الحلول.

كما تطرقت إلى الجدل الدائر حول أولوية المصالحة أو المحاسبة، ودور الفاعلين المحليين والدوليين في دعم المسار الحقوقي والإنساني في اليمن.

وتناول النقاش، التحديات التي تواجه المجتمع المدني اليمني، مثل نقص التمويل، وضعف الحماية، والحاجة لبناء القدرات في مجالات التوثيق والمناصرة، إلى جانب أهمية إشراك المشائخ والزعامات التقليدية في بعض المناطق، بما يتناسب مع طبيعة المجتمع.

وأبرزت الندوة جملة من التوصيات التي تضمنتها الدراسة حيث شددت على ضرورة تضمين مبادئ العدالة الانتقالية في أي تسوية سياسية قادمة، وضرورة إنشاء هيئات وطنية مستقلة للإنصاف والتعويض، إلى جانب تعزيز دور الضحايا كمشاركين فاعلين في صناعة السلام.

كما أكد المتحدثون في الندوة أن هذه الفعالية تمثل خطوةً ضمن سلسلة من الجهود الرامية لتعزيز الحوار الحقوقي وتبادل المعرفة بين الفاعلين المحليين والدوليين، من أجل مستقبل أكثر عدالة واستقرارًا في اليمن.

في ختام الندوة أكد توفيق الحميدي” رئيس منظمة سام للحقوق والحريات” على أن العدالة الانتقالية ليست خيارًا سياسيًا بل التزام قانوني وأخلاقي تجاه الضحايا، داعيًا جميع الأطراف اليمنية إلى الالتفاف حول مبادئها لضمان عدم تكرار الانتهاكات، وبناء يمن جديد يقوم على قيم العدالة والمساءلة وحقوق الإنسان.