يحتفى العالم بيوم الإعلان العالمي لحقوق الانسان بينما المرأة اليمنية تواجه خطر الاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ومع حملة ال١٦ يوم العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، نجد أنفسنا أمام تحدي كبير يجب أن يسترعي إهتمام المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية، والتحالفات النسوية في اليمن وخارجه يتلخص في حماية حرية المرأة وسلامتها، وتقوية وجودها بالتضامن والتعاضد.

فمنذ مطلع العام 2018 وحتى يومنا هذا تتعرض المرأة اليمنية للإختطاف والإعتقال والإخفاء القسري، والإحتجاز لساعات طويلة أو أيام؛ حيث رصدت “رابطة أمهات المختطفين”148″حالة اختطاف لنساء قامت بها جماعة الحوثي، ووثقت الرابطة “11” حالة من بينها، وتعددت أسباب اختطافهن ما بين التظاهر للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي، أو بسبب مخالفة الرأي والإنتماء السياسي، أوالتنقل بين المحافظات، وتعرضت النساء المختطفات للعنف اللفظي والتهديد بالاعتداء الجنسي عليهن، كما تعرضت بعضهن للعنف الجسدي، مع حرمانهن من التواصل مع ذويهن، وفي جميع حالات الاختطاف تفاوتت مدد الإختطاف ما بين ساعات إلى أشهر في بعض الحالات، وتسببت تلك الحوادث في تراجع لهامش الحريات وحقوق المرأة والتي ناضلت المرأة اليمنية طويلا لنيلها، كما تسببت بمزيد من التمزق في النسيج الاجتماعي.

وتنص مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الـ 30 على احترام حقوق الإنسان، كما جرمت الاعتقال التعسفي والإخفاء أو التعرض لسمعة الإنسان وشخصه والسعى لسلامته وعدم المساس بحريته، كما ورد في المادة رقم “5” (لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الإحاطَّة بالكرامة)، و المادة رقم “9” (لا يجوز اعتقالُ أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه تعسُّفًا، المادة رقم “12” لا يجوز تعريضُ أحد لتدخُّل تعسُّفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمسُّ شرفه وسمعته، ولكلِّ شخص حقٌّ في أن يحميه القانونُ من مثل ذلك التدخُّل أو تلك الحملات)،و المادة رقم “13” (لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة، و كلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده).

اختطاف.. توقيف.. تهديد بالاعتداء الجسدي والجنسي

(أ‌. ز. ح ) وهي قريبة الضحية العروس (أ. ع. ح ) حيث بدأت التحدث إلينا ودموع القهر تذرف من عيونها قالت “استعدت قريبتي العروس مع عروس أخرى للذهاب إلى محل إقامة زوجيهما بمأرب، وفي طريقهما إلى محافظة مأرب، وصلن إلى نقطة تفتيش تابعة لجماعة الحوثي المسلحة تم إيقاف سيارتهما، وأخذهما إلى خيمة قريبة من النقطة، واحتجازهما، ثم قاموا بخلع البرقع (غطاء للوجه والرأس) وحلاقة شعر الرأس للعروستين، وقالوا: “في المرة الثانية اذا أتت عروس قاصدة الذهاب إلى مأرب سوف نقوم باغتصابها، ولو حاولت العروستان العودة لدخول مأرب سوف نقتل آباءهما”.

وعن التوقيف لساعات طويلة يصحبها التهديد بالسجن والاغتصاب تروي لنا الطالبة (د. م. م.) ١٦ سنة عن تفاصيل سفرهم من صنعاء إلى مأرب حيث قالت “كنا في زيارة لجدي في صنعاء أثناء الإجازة، وعند انتهاء الإجازة عدنا إلى مأرب حيث يعيش والدي لاجئا فيها، وسلكنا طريق الجوف طريقاً للعودة إلى مأرب، تم توقيفنا في نقطة الجوف من قبل مسلحي جماعة الحوثي، كنت أنا وإخوتي ثلاثة أطفال في السيارة (نقل عام) وسيدتين”.

وأكدت الطالبة (د. م. م.) لـ”رابطة أمهات المختطفين” أن ذلك حدث في شهر مايو 2019، وتم احتجازهن من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثانية عشرة ليلاً، بلا طعام ولا ماء والحرارة شديدة، لم يسمحوا لهن بالمرور وتلفظوا عليهن بكلام بذيئ، وهددوهن بإعتقالهن، وبعد محاولات كثيرة وتدخل آخرين تم السماح لهم بالمرور الى مدينة مأرب”.

نساء الحديدة الأكثر تعرضاً للانتهاك

سجلت مدينة الحديدة أعلى نسبة للانتهاكات التي تقع على النساء من قبل جماعة الحوثي المسلحة، حيث تم اختطاف الحاجة فاطم وجابرة وطفلتين والاستاذة ذكرى عبدالله الناشطة في المجال الإنساني في مدينة الحديدة، التقينا بالمختطفات “فاطم وجابرة “اللتين اختطفتهما جماعة الحوثي المسلحة في 23 أبريل / نيسان 2019 مع ثلاث فتيات صغيرات بينما كن عائدات من مدينة مأرب على متن حافلة، للحصول على جوازات سفر لتتمكن من السفر إلى الحج، وأثناء عودتها إلى منزلها في الحديدة ، قام الحوثيون باختطافها وقريبتها جابرة والفتيات الصغيرات ،واحتجزوهن في “منزل بكير يحيى عرج” الذي حوّله الحوثيون إلى مكان للإحتجاز، ثم أطلق الحوثيون الفتيات الصغيرات الثلاث مقابل فدية قدرها200 ألف ريال، وبعد أن خاضت السيدة فاطم إضراباً عن الطعام لإطلاق سراحها أجبرت على التوقيع على تعهد بقطع جميع الاتصالات مع ابنها الذي يعيش في مدينة مأرب، وعدم الذهاب إلى مأرب نهائيا” وأُطلق سراحهما في 14/05/2019 بعد جهود حثيثة من أصدقاء الرابطة.

أما الناشطة في المجال الإنساني الاستاذة “ذكرى عبدالله” قالت “تم اختطافي من الشارع في الحديدة أمام الهلال الأحمر بمدينة العمال بتاريخ :22_11_2018 من قبل مسلحي جماعة الحوثي، واقتادوني إلى سجن البحث الجنائي بالحديدة، وضعوني في غرفة مظلمة دون تهوية ولا دورة مياه لمدة يوم كامل، وبعدها أخذوني للتحقيق، وأثناء التحقيق تم تهديدي بالسلاح، بقيت في الانفرادي ثلاثة أيام وقد منعوا عني الزيارات، ثم نقلت إلى زنزانة أخرى يوجد بها امرأة سجينة كانت تتعرض للتعذيب، كان الأكل رديء جداً، وتم التحقيق معي خمس مرات كل مرة ساعتين تعرضت فيهن للتعذيب النفسي “اطلق سراحها بعد شهر ونصف من اختطافها في 9/2/2018م.

وعن نقطة لجماعة الحوثي في منطقة حرض تروي لنا (ف. م. ع) البالغة من العمر 40عاماً قصة احتجازها وأطفالها الثمانية لمدة ١٣ يوم في بيت بمنطقة عبس استخدمه الحوثيون سجناً لهذه العائلة، حدث الاختطاف أثناء سفرها إلى منطقة حران في مارس ٢٠١٩م لزيارة زوجها وتم التحقيق معهم 4 مرات، ومصادرة هاتفهم النقال، ومنع الزيارة عنهم، وحرموا من مياه الشرب، ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد دفع فدية مالية مقدارها “أربعة آلاف ريال سعودي” و”5 آلاف ريال يمني”، وإعادتهم إلى منطقتهم بُرع ووضعهم تحت الإقامة الجبرية.

ضرب بالهراوات وصعق كهربائي واحتجاز

بسبب التظاهر للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي وما سمي بـ (ثورة الجياع)، في الـ 6 من أكتوبر 2018م خرج عشرات الطالبات في جامعة صنعاء، ولم يدركن مدى جرم ما ينتظرهن من قبل جماعة الحوثي المسلحة التي زجت بالعشرات منهن في أقسام الشرطة بينما فر الأغلب منهن قبل حدوث التظاهرة.

قابلنا الناشطة هاجر الشرفي وآزال علي والطالبتان (ج. ع. ج) و(ر. م. ن) وتوحدت رواياتهن لأحداث 6 أكتوبر2018م حيث قلن أنهن أتفقن مع صديقاتهن للخروج احتجاجا على الوضع المأساوي الذي وصلت إليه البلاد ،وذهبن إلى ساحة الجامعة المكان الذي اتفقن عليه ،وهناك تم استدراج البعض منهن من قبل بعض فتيات حوثيات تظاهرن أنهن معهن ومهمتهن الإيقاع بأي فتاة تأتي للمشاركة، وقمن بتكبيل الطالبات واقتيادهن إلى باص مخصص لاحتجاز المشاركات اللاتي انخرط البعض منهن في البكاء حيث كانت ما يقارب من (20) امرأة منهن يحملن الهراوات والعصي الكهربائية وتقول (ج. ع. ج) أن (35) امرأة وقاموا بتفتيشنا بطرق مهينة لثلاث مرات ولم يسمحوا لنا بالتواصل مع ذوينا إلا بعد التحقيق معنا وسط ضغط نفسي وقلق شديدين وخاصة أنني اشترطت حضور محامي معي في التحقيق فقوبل طلبي هذا بالرفض.

وعن ظروف الاحتجاز قالت (ج. ع. ج) و(ر. م. ن)أن الحوثيات كن يدخلن عليهن الغرف ويصرخن في وجوه الطالبات وعند وصول الطالبات المختطفات أجبرن على كتابة أسماءهن وأرقام أهاليهن لتواصل بهم لاستلامهن وأجبرن على الصمت ومن حاولت التحدث أو الدفاع عن نفسها هددوها بالصعق الكهربائي وبعد ذلك تم التحقيق معهن وإجبارهن على التوقيع في أوراق ثم أعادوهن مره ثانية الى مكان الاحتجاز، ولم يفرجوا عنهن، وتم إجبارهن على توقيع تعهدات بعدم الخروج مستقبلا في أي مظاهرة أو احتجاج على الوضع وخرجن مساء ذلك اليوم برفقة أقاربهن باستثناء بعض المحتجزات التي لم يتم الإفراج عنهن إلا بعد احتجاز اقاربهن بدلا عنهن.

وعن اختطاف نساء من المقاهي والمولات تقول (ل. أ. غ) “عندما زرت إحدى النساء السجينات في السجن المركزي وجدت بعض الأهالي يزورون بناتهم المحتجزات هناك، فسألت إحداهن عن سبب مجيئها إلى السجن؟ فردت عليّ: اعتقل الحوثيين أختي من مول العرب وأخفوها لمدة ثلاثة أشهر في السجون السرية، وأكدت الزائرة وجود أكثر”250” امرأة مختطفات في سجون سرية تم اتهامهن بتهم أخلاقية في محاولة للتأثير على الرأي العام لينبذهن ويرفض التضامن معهن، مما عقد قضاياهن بل وحياتهن بشكل كامل.