تقرير أمهات على أبواب العدالة يحكي مأساة أربع سنوات من البحث عن العدالة الغائبة

أشهرت رابطة أمهات المختطفين مساء اليوم الثلاثاء تقريرها الحقوقي السنوي الرابع بعنوان “أمهات على أبواب العدالة” بمؤتمر صحفي عبر تطبيق الزووم إلتزاماً منها بالاحترازات الوقائية في ظل تفشي فايروس كورونا المستجد كوفيد- 19، حضر مؤتمر الاشهار عدد من روؤساء المنظمات الحقوقية وناشطين حقوقيين وصحفيين وقنوات فضائية ومحاميين.

فمنذ أربع سنوات مضت وأمهات المختطفين والمخفيين قسراً والمعتقلين تعسفاً يقفن بإصرار على أبواب السجون الرسمية وغير الرسمية وأمام النيابات والجهات الرسمية والوزارات وأجهزة العدالة وأمام المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة المختلفة بما فيها مكتب المبعوث الأممي “مارتن غريفثس” بحثا عن عدالة غائبة مختطفة، وما يدفعهن لهذا هو عدالة القضية وحجية المطلب وإيمانهن الراسخ ببراءة أبنائهن المغيبين خلف أسوار السجون، اتخذن من أصواتهن منصات صداحة في الوقفات الاحتجاجية السلمية ولم يجدن إجابات وظلت تساؤلاتهن متروكة دون عودة أبنائهن.

تعمل رابطة أمهات المختطفين منذ تأسيسها في منتصف إبريل 2016م، على رصد وتوثيق حالات الاختطاف والاعتقال والإخفاء القسري، التي ارتكبتها جماعة الحوثي وتشكيلات عسكرية وأمنية بعدن والحكومة الشرعية.

 

أهمية التقرير ومنهجية التوثيق

وفقاً للمعايير الدولية وثقت فرق رصد رابطة أمهات المختطفين خلال العام 2019م، حالات الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون في أربعة عشر محافظة (أمانة العاصمة، صنعاء، عدن، تعز، الحديدة، إب، البيضاء، ذمار، الضالع، المحويت، حجة، لحج، صعدة، أبين ومأرب).

كما استمعت الرابطة ووثقت بالصوت والصورة إلى شهادة “200” من المختطفين المفرج عنهم من مختلف السجون في المحافظات، تحدثوا عن الانتهاكات التي تعرضوا لها أثناء عملية الإخفاء القسري والتعذيب النفسي والجسدي وسوء المعاملة وحرمانهم من الزيارات والتواصل بالعالم الخارجي ومن الرعاية الصحية، والتقت فرق رصد الرابطة بعدد “331” من أهالي الضحايا الذين سجلوا بلاغاتهم وشهاداتهم حول الانتهاكات التي طالتهم ومختطفيهم ونزلت فرق الرصد الميداني لعدد “80” أسرة من أهالي المختطفين الذين تعرضوا للقصف على سجن كلية المجتمع بذمار، كما زار الفريق موقع الحدث والمشاركة في الدفن الجماعي للضحايا.

وزارت فرق الرابطة “9” سجون وهي سجن الأمن السياسي بإب، والسجن المركزي وسجن احتياطي الثورة وسجن الأمن السياسي -مبنى الأمن والمخابرات- والسجن الحربي وسجن الاستخبارات العسكرية بصنعاء، سجن الأمن السياسي بمأرب، وسجن بئر أحمد بعدن، وسجن الأمن السياسي بذمار، واستمعت لمختطفين فيها تحدثوا عن ظروف الاحتجاز في هذه السجون ، والتقت الرابطة بالسلطات في عدن و مأرب وطرحت عليهم شكاوى الضحايا والانتهاكات المتعلقة بالاختطاف والاعتقال، وتلقت عليها الردود لكنها لم تصل إلى حد التفاعل والإفراج عن المعتقلين.

وتابعت الرابطة اللجان المشكلة من قبل جماعة الحوثي والحكومة الشرعية ومفاوضات عمان -الأردن- بشأن الأسرى والمعتقلين وقبلها مشاورات استكهولم بالسويد، ولكن للأسف فقدت هذه المحاولات مسارها وحولت ملف المختطفين من ملف إنساني إلى ملف سياسي يخضع لمزايدات سياسية.

كما عقدت رابطة أمهات المختطفين مع ممثل مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومسؤولي حقوق الإنسان في مكتب المفوضية أربعة اجتماعات، وسبعة اجتماعات مع مسؤولي الحماية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر عرضت فيها كل الانتهاكات المتعلقة بالاختطاف والاعتقال وغيرها من الانتهاكات التي يتعرض لها المختطفون والمعتقلون في السجون وأماكن الاحتجاز.

القتل تحت القصف والتعذيب والإهمال الصحي

رصدت رابطة أمهات المختطفين وفاة “158” مختطفاً داخل السجون وأماكن الاحتجاز، تنوعت أسباب الوفاة ما بين قصف أماكن الاحتجاز من قبل طيران التحالف والتعذيب والحرمان من الرعاية الطبية.

ويعد القتل تحت التعذيب من أبشع الجرائم التي تمارس ضد المعتقلين، إذ يُقدم منتهكو حقوق الإنسان على تعذيب أفراد لانتزاع اعترافات من المعتقلين، حيث توفي”20″ مختطفاً تحت التعذيب خلال العام 2019م، منهم “17” مختطفاً قتلوا في سجون جماعة الحوثي، و”3″ مختطفين قتلوا في السجون التابعة للتشكلات الأمنية والعسكرية بعدن منهم قتيلين من مدينة عدن وقتيل واحد من محافظة ذمار، جميعهم كانوا مخفيين قسراً ومعظمهم يقبعون في أماكن احتجاز سرية وغير معروفة، ويتم التواصل مع بعض الأسر وإبلاغهم بوفاة مختطفهم في حين رفضت بعض جهات الانتهاك تسليم الجثة بعد إخبار الأسرة بوفاة المختطف تحت التعذيب نشر التقرير منها خمس حالات.

وتلقت رابطة امهات المختطفين “196” بلاغاً بخصوص الحرمان من الرعاية الطبية كان منها “174” حالة لدى جماعة الحوثي، و”12″ حالة لدى الحكومة الشرعية، حيث وصل الإهمال الطبي في كثير من أماكن الاحتجاز الرسمية وغيرها إلى أدنى مستوياته.

انتشر في العام 2019م عدوى مرض السل الرئوي بين المختطفين في سجن كلية المجتمع بذمار والتي تتخذها جماعة الحوثي سجناً لها، حتى وصل عدد الإصابات المؤكدة فيه إلى “11” حالة وتوفي المختطف “هلال الجرف 31 عاماً ـ ذمار”.

كما توفي بسبب الإهمال الصحي المختطف “خالد محمد محمود الحيث 45 عاماً ـ أمانة العاصمة” والمختطف “علي عبد الله العمار 45 عاماً الحديدة”.

وقُتل بقصف طيران التحالف لسجن كلية المجتمع بذمارفي الـ 1من سبتمبر 2019م “134” قتيلاً من المحتجزين، وجُرح عدد “45”، حيث كانت جماعة الحوثي تحتجز فيه عدد “182” مختطفاً مدنياً وأسيراً، ويذكر أن المبنى كان قد تعرض لقصف التحالف في الـ 7من يونيو 2015م، وتهدمت أجزاء كبيرة منه، ومع ذلك اتخذت منه جماعة الحوثي مكانا لاحتجاز وإخفاء المختطفين والأسرى مخالفة بذلك القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني نشر التقرير “25” قصة من قصص الضحايا.

الاعتداء على الحق في الحريات

وفيما يتعلق بالاعتداء على الحق في الحرية رصدت رابطة أمهات المختطفين “1059” حالة اختطاف واعتقال، منها “1030” مختطفاً في سجون جماعة الحوثي بينهم”23″ امرأة و”11″ طفلاً، وتم رصد “18” معتقلاً في محافظة عدن في سجون التشكيلات الأمنية والعسكرية، ورصد “11” معتقلاً في سجون الحكومة الشرعية بمأرب.

كما رصدت الرابطة (14) حملات الاختطاف الجماعية قامت بها جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها وقد وصل عدد من تم احتجازهم في حملات الاختطاف الجماعي إلى أكثر من “223” من بين هؤلاء المختطفين أطفال، وتأكدت الرابطة من إطلاق سراح ما يقارب “144” من إجمالي العدد ولم يتسن لها معرفة مصير العدد المتبقي، وكانت التهم الموجهة إليهم هي إقامة عزاء لمتوفين في مناطق تابعة للحكومة الشرعية، والتنقل بين المحافظات أو رفضهم دفع جبايات مالية كبيرة أو استلام رواتبهم من محافظات الشرعية أو رفض التجنيد.

وقال التقرير أن نقاط التفتيش تنتشر على مداخل المحافظات اليمنية ويتوسع تنصيب تلك النقاط حتى يشمل المديريات والأرياف والشوارع الرئيسية والفرعية داخل المدن، استُخدمت لاختطاف المواطنين أثناء تنقلاتهم، ومن أبرز هذه النقاط التي استخدمت في احتجاز المعارضين وتغييبهم “نقطة أبو هاشم في رداع بمحافظة البيضاء، ونقطة الحوبان في محافظة تعز، ونقطة سنبان في محافظة ذمار وتتبع هذه النقاط جماعة الحوثي، ونقطة الفلج في مدخل مدينة مأرب وتتبع الحكومة الشرعية، والنقاط الممتدة في مداخل مدينتي عدن ولحج وتتبع التشكيلات الأمنية والعسكرية.

إخفاء قسري وتعذيب وسوء معاملة

أما عن الإخفاء القسري فقد أشار التقرير إلى الانتهاكات الحقوقية التي تطال المختطفين المخفيين قسراً والتي هي في الغالب تعذيب نفسي وجسدي للضحية، لها آثارها السيئة على ذوي المختفي وعلى الأخص حين يطول وقت الإخفاء ولا يجدون أي تطمينات على حياة مختطفهم، وبحسب رصد الرابطة فقد تعرض عدد “303” مختطفاً للإخفاء القسري خلال العام 2019م، لدى جميع جهات الانتهاك في اليمن، منها “296” لدى جماعة الحوثي و”6″ نساء وطفل واحد.

يتعرض المختطف لدى جماعة الحوثي للإخفاء القسري فور اختطافه، وفي الغالب يقضي فترة الإخفاء في أماكن احتجاز سرية (بيوت معارضين، منشآت تعليمية، دور عبادة، تم الاستيلاء عليها وتحويلها إلى معتقلات) ،وتمارس جماعة الحوثي خلال ـ فترة الإخفاء ـ التعذيب الجسدي والنفسي على المختطفين وقد يشتد التعذيب على بعض المخفيين لدرجة الموت تحت وطأة التعذيب (كما هو حال معظم القتلى تحت التعذيب الذين وثقت الرابطة مقتلهم وهم مخفيين قسراً).

ويقبع “4”معتقلين لدى الحكومة الشرعية في محافظة مأرب، وعدد “5” معتقلين أخفوا قسراً من قبل التشكيلات الأمنية والعسكرية في محافظة عدن فيما لا يزال “38” مخفياً في أماكن احتجاز تابعة للتشكيلات الأمنية والعسكرية منهم “24” مخفياً منذ العام 2016م، ويتعرض المخفيين لأساليب قاسية من التعذيب الجسدي والنفسي والعنف الجنسي كما يوضعون في الحبس الانفرادي لفترات طويلة (بحسب شهادة أحد المفرج عنهم).

أما عن التعذيب وسوء المعاملة فقد أورد التقرير أحصائية وعدد من الشهادات حيث يتعرض المدنيون المختطفون للتعذيب وسوء المعاملة منذ لحظات الاختطاف الأولى، حيث تمارس جماعة الحوثي والتشكيلات العسكرية والأمنية بعدن والأجهزة الأمنية بمأرب التعذيب الجسدي، والتعذيب النفسي؛ لإجبار المختطفين والمعتقلين على قول ما يملى عليهم والتوقيع على أوراق فارغة يتم ملؤها بالاتهامات من قبل جهات الاختطاف.

ورصد التقرير “473”حالة تعرضت للتعذيب الجسدي لدى جماعة الحوثي، كما وثقت “19” حالة لدى الحكومة الشرعية لانتزاع اعترافات أو لإجبار الضحايا على قول أو التوقيع على ما يملى عليهم، وتعرض لضرب وسوء المعاملة عدد “729” حالة لدى جماعة الحوثي و “97” حالة لدى الحكومة الشرعية.

ومن أساليب التعذيب الجسدي، وسوء المعاملة التي يتعرض لها المختطفون وخاصة في فترة الإخفاء القسري، والتي تم رصدها في العام 2019م، منها احتجازهم في أماكن معرضة للقصف، التحرش الجنسي، الضرب الشديد بالسياط والأسلاك الكهربائية أو الأدوات الغليظة، الصعق بالكهرباء، نزع أظافر اليدين والرجلين، التعليق من اليدين لأيام وليالٍ، الكي بالنار في أماكن متفرقة من الجسم، المنع من الطعام والشراب والنوم لفترات طويلة، تعرية المختطفين أمام بعضهم البعض، منعهم من دورات المياه، حرمانهم من التعرض للشمس من (4-12) شهر، التجويع بتقديم وجبات غير كافية، وتقليص وجباتهم إلى وجبة واحدة فقط وغير كافية.

ومن أساليب التعذيب النفسي التشهير بالضحايا في وسائل الإعلام التابعة لجهات الاختطاف والاعتقال، اختطاف أبناء الضحية كوسيلة للضغط عليهم، تهديدهم بالاعتداء الجنسي على نسائهم، إهانة المختطف أمام أسرته أثناء الزيارة، تهديد الضحية بالقتل وإيهامه بالإعدام، إيهام الضحية بالإفراج عنه من خلال قرارات عفو كاذبة، واستعدادات مزيفة.

وقد نتج عن التعذيب وسوء المعاملة أضرار صحية ونفسية كبيرة، وإصابات بعاهات مستديمة تلازم المختطف مدى الحياة، فقد وثقت رابطة أمهات المختطفين لدى جماعة الحوثي “8” حالات أصيبت بالشلل، و”10″ حالات أصيب باضطراب نفسي وعقلي، و”7″ حالات أصيب بجلطات، و”3″ حالات أصيبت بضعف البصر، و”7″ حالات بمرض الكلى، و”3″ حالات أصيبت بضعف السمع، ولم تنجُ النساء من التعذيب النفسي والجسدي حيث وثقت رابطة أمهات المختطفين تعرض “5” نساء للتعذيب الجسدي وتتحفظ عائلات هؤلاء النساء عن الحديث في ذلك خوفاً من نظرة المجتمع.

كما أقدمت جماعة الحوثي المسلحة على إجراء محاكمات في المحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة لسيطرتها حيث أقرت “30” حكماً بالإعدام على “30” مختطفاً مدنياً في حكم قضائي واحد، بينهم أكاديميين وتربويين وطلاب، كانوا قد اختطفوا من بيوتهم والأماكن العامة، تعرضوا خلال فترات الإخفاء القسري لتعذيب النفسي والجسدي لإجبارة، والتشهير الإعلامي الذي عقّد حياة عائلاتهم وأطفالهم على الإقرار بتهم لا علم لهم بها، واستمر احتجازهم لأكثر من عام ونصف قبل بدء جلسات المحاكمة بدون مسوغ قانوني.

ورصدت رابطة أمهات المختطفين الانتهاكات التي رافقت سير المحاكمات بحق المختطفين حيث أحيل عدد “57” مختطفاً للمحاكمة في المحكمة الجزائية بصنعاء كما أصدرت المحكمة نفسها أحكاماً بالإعدام على “47” مختطفاً.

وتطرق التقرير إلى ما يتعرض له المختطفين والمعتقلين من حرمانهم بالتواصل بالعالم الخارجي حيث تمنع جهات الانتهاك المتمثلة جماعة الحوثي والتشكيلات العسكرية بعدن والحكومة الشرعية أهالي المختطفين والمعتقلين من زيارتهم بشكل كامل في عدد من السجون وأماكن الاحتجاز دون تبرير واضح، كما أن إدارة السجون التي تسمح بالزيارات بشكل دوري تمنع الزيارة عن المختطف كإجراء عقابي له أو لأسرته وقد يمتد هذا المنع لعدة أشهر، في حين تنتهج بعض إدارات السجون سياسة منع الزيارات بشكل كامل والإكتفاء بالسماح بالاتصال الهاتفي على فترات متباعدة.

وتستمر رابطة أمهات المختطفين بنضالها وجهودها منذ أربعة أعوام على الصعيد المحلي والدولي الرامي إلى تكثيف الجهود الحقوقية والإعلامية للتعريف بقضية المختطفين والمخفيين قسراً والمعتقلين، وتعتبر الوقفات الاحتجاجية من أهم الجهود والأنشطة التي تنفذها الأمهات نشر التقرير ملخص عن ذلك.

وأختتم التقرير بتوصيات لكل من الأمم المتحدة والدول الراعية للسلام في اليمن والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الجمهورية اليمنية و الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المسلحة و التشكيلات العسكرية والأمنية بعدن التحالف العربي ،وإلى منظمات المجتمع المدني الحقوقية والقانونية المحلية والدولية.

 

#أمهات_على_أبواب_العدالة
#حرية_ولدي_أولا