حين يغدو الموت أمنية..الشاهد الاول ( ع . ب ) 39 عام محافظة صنعاء

اختطفت في 30/3/2016 م من قبل مجموعة مسلحة تتبع جماعة الحوثي ثم سلموني لمجموعة أخرى قاموا بتغطية عيني وربطها ووضع القيود على يدي وأصعدوني فوق الطقم (مركبة عسكرية مكشوفة) وغطوني ببطانية كبيرة الحجم ووقف بعضهم على أطرافها حتى شعرتً بالاختناق وكنت أطلب منهم إبعادها عني فكانوا يردون علي بالضرب بأعقاب البنادق والتهديد بالتصفية الجسدية تجاوز ذلك الساعتين والنصف حتى أوصلوني إلى المعتقل الذي علمت فيما بعد أنه مركز الخياطة في مديرية متنة بني مطر محافظة ـ صنعاء وسحبوني من رأسي حتى وقعت أرضاً.

أقعدوني على كرسي وأوثقوني عليه وبدأت الاتهامات توجه نحوي بقولهم هذا هو المرتزق الخائن الذي كنا نبحث عنه وسياطهم المفتولة من أسلاك الكهرباء ولكماتهم تنهال على كل مكان في جسدي حتى بدأت أفقد الوعي جراء الضرب وكانوا يتعمدون استخدام السياط على الظهر والأيدي والركبتين، وهذه الفترة فقط هي فترة تفتيش وتسجيل المقتنيات التي كانت معي.

ثم قاموا بسحبي إلى زنزانة صغيرة جداً شديدة البرودة يطلق عليها الضغاطة، ورفضوا السماح لي بدخول دورة المياه وقاموا برمي قطعتي كدم (نوع من الخبز الرديء) طعمها لا يستساغ حيث يبدو أنها من ثلاثة أيام وكان الجو باردا جدا ولم يكن هناك بطانية أو غطاء أتدفأ به حتى كانت الساعة الثامنة والنصف مساء أخذوني معصوب العينين إلى غرفة التحقيق واستخدموا معي في ذلك التحقيق تكسير الأصابع بلفها إلى الخلف والضرب المبرح بأسلاك الكهرباء وأسياخ الحديد وأعقاب البنادق واللكم على الوجه حتى شعرت أن فكي سينخلع، وكانوا يقومون بخنقي حتى الشعور بالموت دون رأفة أو إنسانية.

ثم قاموا بربط يدي بحبل بشدة وكذلك قدمي وقال لهم المحقق علقوه فادخلوا عصا أو قضيب من الحديد تمتد بين اليدين والقدمين (يعني تعليق شبيه بتعليق الشاه عند الشواء) جسدي إلى تحت معلق، فكان الرشح يتصبب بغزارة، وظل المحقق يسأل ومعاونيه يضربوني بالسياط ويهددوني بنزع أظافري وغرز الإبر في مفاصلي.

ظللت على هذا الوضع لمدة تزيد عن أربع ساعات وأنا أصرخ من شدة الألم ثم طلبت منهم ماء فأحضروا الماء وكانوا يريقونه على صدري وعنقي ثم أنزلوني وأنا في أشد ما يمكن أن تتخيله من إنهاك وتعب، لم أستطع أن أقف على قدمي ثم أعادوني إلى تلك الزنزانة وأنا في غاية التعب وأرتعد من شدة البرد.

حتى كان اليوم الثاني جاءوا لأخذي وجراحي لم تلتئم بعد وبدأوا بتهديدي كان أحدهم يقول: سنستخدم اليوم أسلوبا أشد من أسلوب الأمس فنحن إلى الآن لم نستخدم العصا الكهربائية والكرسي الكهربائي وإلى الآن لم ننزع له ظفرا أو نغرز في جسده إبرة، وبدأ التحقيق والضرب والتعليق لعدة ساعات لكن هذه المرة كنت أشعر أن أطرافي تتمزق ولم أستطع التحمل حتى دخلت في غيبوبة ولم أفتح عيني إلا وأنا في الزنزانة، واستمر التعذيب لمدة أسبوع بنفس الوحشية؛ وقد تسبب ذلك في تورم الذراع واليدين وتمزق أنسجة الظهر والركبتين.

ثم نقلوني إلى الزنزانة الجماعية لكنني كنت أعيش آلاما نفسية مضاعفة وأنا أسمع أصوات وصرخات الأبرياء بسبب التعذيب حتى أطلقنا اسم المسلخ على ذلك المعتقل حيث يصبح الموت فيه أمنية، أذكر أنه في أحد الأيام أدخلوا أحد المختطفين علينا بعد جلسة تحقيق وكان يصرخ من شدة الألم لأنهم غرزوا الإبر في ركبتيه وآخر كانوا ينزعون جلده بآلة حادة.

ظللت ستة أشهر في ذلك المكان رغم أنهم حين اختطفوني قالوا لي نريدك فقط لخمس دقائق فحسب، ثم نقلت إلى السجن المركزي بصنعاء وظللت فيه ستة أشهر وتم نقلي إلى سجن سري علمت فيما بعد أنه يقع جنوب العاصمة صنعاء وأنه يتبع جهاز الأمن السياسي ومارسوا معي نفس الأساليب الوحشية التي تعرضت لها في معتقل (مركز الخياطة) لمدة عشرين يوما ثم أعادوني إلى السجن المركزي بصنعاء وأنا في حالة يرثى لها ثم بعد أربعة أشهر تم الإفراج عني في عملية مبادلة بأسير حرب، ورغم كل ما عانيته فترة اعتقالي لم تجد الابتسامة طريقها إلى شفتي عند خروجي لأنني فقدت والدي قبل الإفراج عني بيوم واحد ولم أتمكن من إلقاء نظرة الوداع عليه.

#حين_يغدو_الموت_أمنية
#when_death_is_a_wish
#حرية_ولدي_أولا