رسالة رحاب لأبيها المخفي أبكر عبدالله عبده

مني أنا ابنة المعتقل المخفي قسرا إلى من لديه قلب وضمير وانسانية

أبي الغائب ابكر عبدالله عبده المختطف بتاريخ (16/3/2016 ) في محافظه الحديدة، أنا في شوق وحنين إلى أبي وكل يوم يزداد شوقي إليه، أختيّ خيرية وربى وإخوتي مصطفى وعاصم، وأمي وجدي وكل العائلة، في انتظار عودته إلينا، اشتاق إلى أيام جميلة كان فيها أبي يأتي من سفره إلينا ويقدم لنا الفواكه والخضروات وأشياء جميلة ويفرحنا بالحلوى ونذهب معاً للتنزه.

لن أنسى ضحكتك التي كانت بالنسبة لي دواء من كل شيء مزعج يمرّ بي.
ولن أنسى هذا التاريخ الذي يزيدني وجعا عند تذكره، في يوم قدومي من المدرسة وأنا في الصف الثامن كان يوم الاربعاء، وأنا في فرح وسرور لأنني قد نجحت في مدرستي وحصلت على المرتبة الثالثه في الأوائل وتم تكريمي من المدرسة، عدت إلى البيت أريد إخبار أهلي بذلك الخبر وفي مقدمتهم أبي الغالي الذي يفرحه تفوقي دائماً، فلم أدري ماذا جرى! خبر حطم كل فرحتي وأحلامي التي تعبت من أجلها “لقد اعتقل أنصار الله أبي” ووضعوه في السجن.

وعندما ذهب أخي مصطفي لزيارته في السجن وإعطائه الدواء ثاني يوم من اختطافه واتصل من هاتفه ليتحدث معنا فأخبرته بحصولي على المرتبة الثالثة، فقال لي بنبرات صوته الحزينة التي لم أسمعها من قبل في صوته وهو مرهق ومنهك “احسنتِ، ابنتي ممتازة هكذا أريدك دوما الدكتورة رحاب”، فلم استطع تمالك شعوري وبكيت.
فقال لي لا تبكي إن شاء الله سنلتقي.
وبعد مرور ثلاثة أيام ذهبنا إلى السجن الذي كان فيه فلم نجده، قالوا لنا أنهم قد نقلوه إلى سجن آخر فبدأ هنا الأمل يخيب، وبدأت بالشعور بأنني لن آراه مرة أخرى.

بابا حبيبي اكتب لك رسالتي هذه وأنا لا أدري أين أنت، هل أنت على قيد الحياة؟ أم أن الموت توفاك؟ وأنا في خوف هل سوف آراك مرة أخرى أم لا؟

وفي كل رمضان وأنا أنتظرك في شوق بأنك سوف تعود، انتظر صوت حذائك الذي يحسسنا بقدومك ومعك كل الأمان، وهاهو خامس رمضان وأنا مازلت بانتظار عودتك إلينا.

لن أتحدث عن حال أمي كثيراً لأنني لن أستطيع بكلماتي وصف ما تعيشه أمي من ثقل المسؤولية، في غيابك يا أبي، أمي لنا الأم والأب معاً، تحاول بكل جهدها أن لا تشعرنا بالنقص أو بغيابك، تحملت الكثير وصبرت فلا يوجد أحد يساعدها،
ولن أنسى جدي الذي يبكي ليلاً ونهاراً يتمنى عودتك ويدعو الله باكياً، ويطلب دائما من الله أن يراك قبل موته فقد ذهب الى كل مكان يبحث عنك، ولم يجدِ ذلك نفعاً.

والآن أنا خائفة جداً أنا وأمي وإخوتي وجدي والعائلة باسرها من أن يصيبك هذا المرض المنتشر فيروس كورونا، الذي أهلك الكثير من الناس في هذا العالم وأنت مريض بالسكر والضغط، ولا أدري أنت
تتعالج أم لا؟ هل تستخدم دواءك؟ هل توفر لك أم لا؟ هل هناك عناية بك أم لا؟

أنا اليوم أدعو سلطات صنعاء أن يطلقوا سراح أبي الذي طال انتظاره،وأنتم قد وعدتمونا بذلك من قبل خمس سنوات وحتى يومنا هذا ونحن بانتظار وفائكم بما وعدتمونا.
لن يشعر بوجعنا وحزننا إلا من عاش نفس شعورنا، ونحن لانتمنى لأحد هذا الوجع، أبي يعني لنا كل شيء في الحياة وحين غاب أبي غاب العالم كله عن عيني.

أنا أناشدكم أن تعيدوا لنا الفرحة إلى قلوبنا وقلب جدي الذي ينتظره.
وإلى كل من يقرأ رسالتي لا تتركونا في ظلمة القهر والحزن بتغييب أبي في ظلمات السجن وفي خوفنا من إصابته بالفيروس الخطير القاتل.
فنحن أبنائه الذين ننتظره في كل لحظة، اناشدكم باعطاء أبي العناية اللازمة لأنه مصاب بمرض السكر المزمن والضغط ويستخدم علاج لمدى الحياة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته