في اليوم العالمي للإخفاء القسري.. أمهات يبحثن عن المئات من فلذات أكبادهن المخفية

يحيي العالم ذكرى اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 أغسطس/ آب، والتي تقوم فيها السلطات على إخفاء منتقديها ومعارضيها، قسراً وبث الرعب في صفوفهم، والذي لا يقتصر تأثيره على المخفي قسراً، بل يمتد ليعم مجموعاتهم السكانية المحلية ومجتمعهم ككل حيث يشعرون بغياب الأمن والعدل.

وما زالت عمليات اختطاف المدنيين وإخفاءهم مستمرة في اليمن وبأعداد مقلقة جداً وتشمل أفراداً من جماعات وأقليات بخلاف الخصوم السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين، كما أنها تطال المعلمين والطلاب والعمال، بل تعدى ذلك لاختطاف وإخفاء الأطفال أيضا.

معاناة معيشية ونفسية

وفي هذا الصدد قامت رابطة أمهات المختطفين بإجراء استطلاع على أهالي المختطفين والمخفيين قسرا داخل سجون جماعة الحوثي وصالح المسلحة في عدد من محافظات الجمهورية وتلمست آلامهم وتوجساتهم فكان اللقاء مع أم محمد الذي يبلغ من العمر خمسون عاما- مصاب بمرض السكر-. تقول:” اختطف بشهر نوفمبر/2016, بعد اقتحامهم لمنزلنا وأخذوه من بيننا, علمنا أنه بأحد السجون فكنا نرسل له يومي الخميس والجمعة بوجبة غداء مع دوائه, وبعد خمسه اشهر من اعتقاله تم اخفائه وﻻ نعرف أين هو إلى الان.
وعن تأثير اختفاء عائل الأسرة تذكر أم محمد المعاناة النفسية لغياب الأب الحنون عن أطفاله وزوجته, وصعوبة المعيشة وتبدل الحال إذ صار اعتمادهم على المعونات والصدقات من الخيرين…

وتذكر زوجة المختطف والمخفي صالح جيدا يوم اختطافه الذي كان في شهر مارس2016؛ كيف أن الحوثيين اقتحموا منزلهم في وقت متأخر وأخذو زوجها بعد أن غطوا رأسه وأخذوه إلى جهة غير معروفة حتى اليوم.

وعن تأثير اختفائه تقول أخت المخفي أحمد-21 عاما-:” لغيابه تأثير على والديه وأسرته معنويا وماديا أما المعنوي فمنذ ستة أشهر لم ترى الأم ولدها وهذا تسبب بمضاعفات مرضية وقلق دائم, فقد كان خلوقا خافض جناح الذل لوالديه, كانت أمنيته إكمال دراسته الجامعية في الخارج وقدم عدة مرات لمنح دراسية وكان في انتظار جواب الموافقة.”
وعن الوضع المادي فيشتغل في عمل منه يعول أسرته، حيث كان يقسم راتبه بين أسرته ودراسته الجامعية التي لم يتركه الحوثيون يكمل سنته الأولى فيها, وبعد اختطافه انقطع مصدر رزق للأسرة.

ابتزاز بالملايين ووعود وهمية

وعن ابتزاز جماعة الحوثي وصالح المسلحة لأسر المخفيين تذكر أم ناصر معاناتها في المبالغ المالية التي دفعتها مقابل وعود وهمية للإفراج عن زوجها وهو المعيل الوحيد لأسرته ما أثر سلبا على وضعها الاقتصادي كمثيلاتها من أسر المخفيين ما اضطرها لتوقف بعض الابناء عن مواصلة تعليمهم.

أما أم المختطف ناجي فتقول:” من أول يوم اختطف ولدي وإلى الان لم نكل او نمل في سبيل العثور والاطمئنان عليه, كم خسرنا من النقود للمتابعين وإلى الان لا خبر عنه ويردون علينا أنه غير موجود…

ذكريات وأعياد يتيمة

وعن الذكريات تقول ابنة المعلم “سالم”: كان أبي دائما يحب إخراجنا إلي الحدائق والأسواق والاماكن العامة, كان كل همه ألا يقصر علينا في حبه ورعايته, نحن ثلاثة أخوة دائما ما يسأل أمي أخي الصغير:” متى سيعود بابا, لماذا بابا تأخر؟”
لم يفارقنا يوما في حياته كان يوصلنا إلى المدرسة بباصه الذي أخذه عناصر الحوثي وصالح في نفس يوم اختطافه أثناء عودته من عمله في المدرسة وإلى يومنا هذا لم نعرف أين ذهبوا بهما ,تبدل وضعنا وحرمنا من رؤيته منذ اختطافه بشهر ابريل العام الماضي, صرنا وحيدين وعيون الناس وألسنتهم لا ترحم رغم أن أبي بريء ولم توجه إليه أي تهمة.
توقفت حياة أسرة المختطف أبو خولة فتوقف أبناؤه عن دراستهم الجامعية للعمل على توفير لقمة العيش لأسرتهم وتوفير العلاج لأختيهم اللتين تعانيان من تكسر الدم, ومع قرب عيد الأضحى المبارك تقول خولة:” لم يعد للعيد طعم وأبونا مخفي لا نعلم مكان تواجده منذ أكثر من عام, كان سند البيت وفرحة البيت… هو ضوء البيت الذي انطفأ بعد إخفائه.
تقول أم ليلى عن يوم العيد:” كأنه الموت لي ولأطفالي يصعب التنفس فيه بدون عائلنا المخفي منذ سنة وتسعة أشهر, يمر علينا العيد كئيبا نقضيه بالبكاء والذكريات المؤلمة, ودائما ما نأمل عودته قرب كل مناسبة.

طفلتي تكبر ووالدها بعيد عنها

اختطف صادق في سبتمبر2015, تقول زوجته:” في يوم اختطافه كنت حديثة ولادة وطفلتي في يومها العشرين. كيف يكون وقع خبر مثل هذا على امرأة في وضعي؟ فقد خرج لصلاة الفجر يوم الجمعة ولم يعد.
انتظر كل يوم خبراً عنه ولكن إلى الان لم نسمع عنه ما يطمئنء؛فقد وردتنا أخبار انه مريض.
طفلتي تكبر ووالدها بعيد عنها تمر ذكرياتها بدونه, وإنكار الحوثيين لوجوده زاد من تعذيبنا النفسي فنحن محرومون من رؤيته منذ اختطافه.

اتصل بنا مرة

“كان في صوته نبرة حزينة لكن ما كان يستطيع قول شيء أحسسنا أنه مراقب وكان يطمئن الأهل عنه..” هكذا تتكلم أم عمرعن ولدها المخفي منذ أكثر من عام “اتصل بي بعد أن تعدى السبعة اشهر في السجن ، وتلك الفترة تغير مشرف سجنهم وعين مسؤول جديد سمح لهم باتصال واحد فقط”.
وتتعجب أم عمر من إنكار الحوثيين لوجود ابنها لديهم, وتخاف من تعذيبهم له أو مسه بأي مكروه.

مناشدات محلية ودولية

وناشدت أمهات وعائلات المخفيين قسرا المجتمع المحلي والدولي بمنظماته الإنسانية والحقوقية للوقوف معهن في إطلاق سراح أبنائهن الذين اختطفوا من بيوتهم وأماكن عملهم وجامعاتهم, وبالضغط على مختطفيهم بالإفصاح عن أماكن احتجازهم والسماح لأسرهم بزيارتهم والاطمئنان عليهم حتى موعد إطلاق سراحهم.
وناشدن النخوة اليمنية التي تقدس المرأة اليمنية بأن يقفوا إلى جانبهن في الإفراج عن أبنائهن, وألا يجعلوا السياسة سببا لتبرير اختطافهم بلا ذنب أو تهمة.

#أم_المختطف
#abductees_mother
#حرية_ولدي_أولا