مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المساعدة على سدّ فجوة المساءلة الحادة في اليمن

٢٢ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٠ – يتوجب على الدول تقديم المساعدة لتمهيد الطريق نحو تحقيق المساءلة ذات مصداقية ودفع التعويضات للشعب اليمني من خلال تجديد وتعزيز التحقيقات الدولية في جرائم الحرب، والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وذلك خلال الدورة الخامسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بحسب ما ورد عن أربعة وعشرين منظمة اليوم.

ويعاني اليمن من “فجوة حادة في المساءلة” وفقاً لفريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعنيّ باليمن والذي أصدر تقريره الثالث يوم ٩ أيلول/سبتمبر٢٠٢٠. ومع التهديد المتمثّل في الوقت الحاضر بجائحة كوفيد-19 على حياة وسبل عيش الملايين في جميع أقطار اليمن، وتعثّر محادثات السلام، وازدياد الغارات الجوية والقصف والهجمات التي تلحق الأذى بالمدنيين، أصبح واقع ملايين المدنيين اليمنيين أكثر قتامة من أي وقت مضى. وأمام مجلس حقوق الإنسان (المجلس) الفرصة لتمهيد الطريق نحو مساءلة ذات مصداقية ودفع التعويضات للضحايا والناجين في اليمن في هذه الجلسة.

قد عانى اليمنيّون واليمنيات من انتهاكات جسيمة منذ اندلاع النزاع في عام ٢٠١٤ عندما سيطرت جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) والوحدات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح على العاصمة صنعاء، وقد تصاعدت هذه الانتهاكات في عام ٢٠١٥ عندما تدخّل التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية/الإمارات العربية المتحدة عسكرياً دعماً للحكومة اليمنية.

ومع دخول النزاع عامه السادس، يعيش ملايين اليمنيين بدون طعام أو ماء أو مأوى أو رعاية صحية كافية. كما تُعرقل الأطراف المتحاربة تدفق السلع المنقذة للحياة إلى داخل البلاد وحولها، وتهاجم البنية التحتية الحيوية، وتعيد توجيه السلع وعائداتها إلى خزائنها وأنصارها. فقد قُتِل وجُرِح آلاف المدنيين وأصيبوا بالأذى بسبب الغارات الجوية غير القانونية، والقصف العشوائي، والاستخدام العشوائي للألغام الأرضية. أدى ذلك إلى تمزّق النسيج المجتمعي، مع تقييد حرية التعبير والاحتجاج السلمي وحرية التنقل بشكل متزايد، واستغلال الانقسامات السياسية وغيرها من الانقسامات القائمة على الهوية من قبل من هم في السلطة.

إن كارثة حقوق الإنسان والكارثة الإنسانية التي تلمّ باليمن هي من صنع الإنسان وكان بالإمكان تلافيها. وتستمر الأطراف المتنازعة بالسيطرة على السواد الأعظم من السلطة في اليمن وعليه. ومن أجل تغيير مسار مستقبل اليمن، يجب أن يتغير سلوك الأطراف المتحاربة وسلوك الأطراف الداعمة لها. حتّى شهر أيلول/سبتمبر ٢٠٢٠، ما زال الجناة دون عقاب، ولم تواجه الدول المسؤولة عن الإنتهاكات أي تبعات، ونادراً ما اعترفت الأطراف بالأخطاء المرتكبة أو اتخذت إجراءات لحماية المدنيين، والمزودون يواصلون تدفق الأسلحة التي تُستعمل في انتهاكات القانون الدولي الإنساني ويتم حرمان الضحايا من العدالة والتعويض.

في عام ٢٠١٧، أنشأ المجلس فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعنيّ باليمن للتحقيق بانتهاكات القانون الدولي في اليمن، وحيثما أمكن، لتحديد الجُناة. وقد جدّد المجلس ولاية فريق الخبراء في عامي ٢٠١٨ و٢٠١٩، بالرغم من معارضة التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

في تقريرهم الثالث، وجد خبراء الأمم المتحدة أن المجتمع الدولي “يستطيع ويتوجب عليه” القيام بالمزيد “للمساعدة في سد الفجوة الحادة في المساءلة” السائدة في اليمن. وقد قدّم الخبراء قائمة بتوصيات محددة، بما فيها توصيات لمجلس الأمن لإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن. وقد دعم فريق الخبراء إنشاء هيئة تحقيق على غرار الآلية الدولية والمحايدة والمستقلة الخاصة بسوريا. كما دعا الفريق مجلس الأمن تحديداً إلى ضمان إبقاء ملف حقوق الإنسان في اليمن على قائمة جدول أعماله، من خلال ضمان الموارد الكافية إلى فريق الخبراء من أجل جمع وحفظ وتحليل المعلومات المتعلقة بالانتهاكات والجرائم. وعلى المدى البعيد، شجّع فريق الخبراء على “إجراء المزيد من الحوار حول إنشاء محكمة خاصة كـ’المحكمة المختلطة’ لمقاضاة الأشخاص الأكثر مسؤولية،” وأعاد التأكيد على أهمية حق الضحايا تصويب أوضاعهم، بما فيه دفع التعويضات المادية، ودعا أيضاً إلى أن تكون حقوق الإنسان “في صميم أي مفاوضات سلام مستقبلية،” بما في ذلك عدم اتخاذ أي خطوات قد تؤول إلى تقويض الحقوق والمساءلة، “مثل منح العفو الشامل.”

علاوة على ذلك، أعاد فريق الخبراء التذكير بمخاوفه من أن الدول التي تزوّد أطراف النزاع بالأسلحة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قد تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة تجارة الأسلحة، وأن هذا الدعم قد يرقى إلى مساعدة ودعم الأعمال غير المشروعة دولياً.

اليوم، اجتمعت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية الأربعة وعشرون لدعوة المجلس إلى اعتماد تقرير فريق الخبراء، بما في ذلك النتائج التي توصل إليها بشأن المساءلة، وإلى اتخاذ خطوات ملموسة في جلسة المجلس هذه لتمهيد الطريق نحو عدالة ذات مصداقية لليمن. تدعو منظمات الأربعة وعشرون المجلس في شهر أيلول/سبتمبر هذا إلى تجديد وتعزيز ولاية فريق الخبراء، بما في ذلك توضيح ولايته لجهة جمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها بشأن أخطر الجرائم الدولية وانتهاكات القانون الدولي المرتكبة في اليمن منذ عام ٢٠١٤، وتوضيح المسؤولية، وتكليف فريق الخبراء البارزين بإصدار تقرير خاص يقدم المشورة للدول بشأن الخطوات العملية التي يمكن أن تتخذها للمساعدة في ضمان العدالة والتعويض لعشرات الآلاف من المدنيين اليمنيين الذين تضرروا بشكل غير قانوني من قبل الأطراف المتحاربة طوال مدة هذا النزاع.

اقتباسات من المنظّمات:
“بعد أكثر من نصف عقد على اندلاع هذه الحرب الكارثية، يجب على المجتمع الدولي ألا يطلب من اليمنيين بعد الآن انتظار العدالة،” بحسب رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان. وأضافت قائلة: “أولئك الذين يفجرون حافلات مليئة بالأطفال، ويحكمون على الصحفيين بالموت، ويسرقون المساعدات الإنسانية، يجب إخطارهم بأنهم سيخضعون للمساءلة.”

وقال جيريمي سميث، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في جنيف إنّ “الأشكال الحقيقية والملموسة للمساءلة والتعويض تعتبر جوهرية إذا أردنا أن ينتهي هذا الكابوس. فمصير الملايين على المحك.”

“إن التجارب والخبرات التي مرت علينا تؤكد أنه بدون تحقيق العدالة، والمساءلة فإن صفقات السلام ستفشل بلاريب، وأن المساءلة وتحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات ضامن حقيقي لاستمرار السلام،” قالت رئيسة رابطة أمهات المختطفين أمة السلام عبدالله الحاج

“على المجتمع الدولي التحرك فوراً لانهاء الكارثة الحقوقية والإنسانية في اليمن والتي هي من صنع الإنسان. بصرف النظر عن المساءلة ودفع التعويض، يجب مساءلة الدول التي تزود أطراف الحرب بالأسلحة،” قال مراد تشيليكان من مركز الذاكرة والحقيقة والعدالة (حافظة ميركزي). “التردد في تحقيق العدالة للشعب اليمني يقوض الاحترام الدولي لحقوق الانسان والقانون الانساني.”

“إن إفلات جميع أطراف الحرب من العقاب يعني تراكم انتهاكات حقوق الإنسان، ومن يوثقوا هذه الانتهاكات ويدافعوا عن حقوق الإنسان يواجهون المخاطر الكبيرة. فقط المساءلة قادرة على ضغط هؤلاء الذين يرتكبون الانتهاكات ليتوقفوا،” قال خالد ابراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان.

“غض النظر المجتمع الدولي عن الكارثة الإنسانية الهائلة أو بيع الأسلحة إلى الذين يستمرون في ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات أخرى للقانون الدولي في اليمن لوقت طويل،” قال الدكتور سايمون آدمز، المدير التنفيذي للمركز العالمي لمسؤولية الحماية. “حان الوقت للتحقيق في، وكشف ومحاكمة هؤلاء المسؤولين عن الفظائع في اليمن.”

“نناشد المجتمع الدولي لوضع الضغط على أطراف الصراع، بما فيهم المملكة السعودية والإمارات، لعدم استخدام الصراع كأداة للعقاب الجماعي، ومساءلة تجنيد الأطفال.” مؤسسة سلام لليمن

“يوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة بتفاصيل مريعة الخسائر الهائلة التي دفعها المدنيين في اليمن بسبب الحرب. على الدول أخذ موقف بالنيابة عن الضحايا وتبنّي توصيات اللجنة بالمساءلة،” قالت بلقيس جرّاح، المديرة المساعدة للعدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش.

“هذا التقرير مدين ويؤكد تورط الحكومات التي تتاجر في الأسلحة. أظهر جميع أطراف الحرب ازدرائها للقانون الدولي وحقوق وأرواح الناس في اليمن. بعد خمس سنوات مريعة، أودت هذه الحرب بحياة عشرات الآلاف من الضحايا ودمرت البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء اليمن. يجب وقف الحرب وصفقات مبيعات الأسلحة التي مكنتّها.” قال أندرو سميث من الحملة ضد تجارة الأسلحة.

“ارتكب أطراف الحرب إساءات في اليمن بإفلات من العقاب شبه كلي،” قال مايكل بيين، مدير المناصرة المؤقت في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان. “انتهك أطراف الصراع القانون الإنساني الدولي بشكل روتيني وأهلكوا النظام الصحي في اليمن، مسببين بذلك الموت والمعاناة للمدنيين. على المجتمع الدولي فعل المزيد لمساءلة أطراف الحرب.”

“نشهد بشكل يومي عدداً هائلاً من الفضائع في اليمن، والتي تمر من دون عقاب أو اعتراف، يميل الإفلات من العقاب إلى تغذية ارتكاب المزيد منها، تحديد المسؤوليات الدولية والجنائية في مسألة الإفلات من العقاب، وفقاً لما ورد في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنسان ومساءلة المسؤولين، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة وإنصاف الضحايا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلم والأمن،” قال أكرم الشوافي رئيس مؤسسة رصد لحقوق الإنسان

الموقّعون:
مواطنة لحقوق الإنسان
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
المنتدى العربي لحقوق الإنسان (SAF)
مركز دراسات الأثر الاجتماعي في غانا
رابطة أمهات المختطفين
مسيرة الفخر البوسنية الهرسكية، في البوسنة والهرسك
الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان
مركز الذاكرة والحقيقة والعدالة (حافظة ميركزي)، تركيا
مؤسسة نداء العدالة للحقوق والتنمية
مؤسسة رصد لحقوق الإنسان
مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
مؤسسة ضمير للحقوق والحريات
لجنة الحقوقيين الدولية (ICJ)
منظمة باكس (PAX) الهولندية
مركز الخليج لحقوق الإنسان
سلام لليمن
المركز العالمي لمسؤولية الحماية
هيومن رايتس ووتش
منظمة العفو الدولية
الحملة ضد تجارة الأسلحة
أطباء من أجل حقوق الإنسان
الائتلاف المدني للسلام
مساءلة لحقوق الإنسان
منظمة العمل للمسيحيين ضد التعذيب (ACAT-France)