من وحي الغياب

 رسالتي إليك بُني لازلت أكتب لك رسائلي وأبُث فيها مشاعري ومكنون فؤادي، لكن ياحبيبي.. أناملي مرتجفة هذه المرة لا تستطيع إمساك القلم عاجزة عن إيقاف أدمُعي.

آه ياحبيب الفؤاد ماعساي أن أقول تحول ذلك اليوم الذي كنت أنتظره بلهفة كي أراك، وأزجر دمعة الشوق من العبث في مقلتي كي يتسنى لي رؤيتك بوضوح إلى كتلة من ظلام حالك ..ذهبت ذلك الصباح إلى قاعة المحكمة وقلبي يُخبرني أن هُناك خطب ما سيحدث؛ أمسكت عليه بكلتا يدي راجية منه أن يهدأ…

انتظرت قدومك وأنا أكتوي بنار الشوق والبعد عنك؛ كان الضجيج يعُم المكان، أصوات كثيرة وأُناس كُثر لم أسمع أي صوت منها أوألقي نظرة لأحدهم كنت أنظر فقط للمكان الذي ستأتي منه.. فجأة عم الهدوء وأصدر مايسمى بالقاضي صوتاً بمطرقتهِ ودخلت أنت ورفاقك القاعة كاد قلبي في تلك اللحظة أن يخرج من مكانه أردت احتضانك ياصغيري لكني لم أستطع…

كُنت حينها تنظر إلي بعينيك التي أُحبها وعلى ثغرك ا؟كبتسامة تُذهب عني الحُزن والكمد .. حينما أغلقوا عليكم باب ذلك القفص الذي أردت دوماً تمزيقة وانتشالك من داخله، سمعت صوتك ورفاقك ترددون النشيد الوطني وتكبرون، رددت معك النشيد في سري ورفعت رأسي فخراً بك فأنت بطلي وفخري بين الأنام، بدأت أجواء المحاكمة الهزلية وقذفكم بالتهم الباطلة، أنكرتم كل ماوجهه إليكم فأنتم بُراءُ مما يدعون، لم يجدي ذلك نفعاً.

ثلاث طرقات متتالية جاء بعدها صوت مشؤم “حُكم عليكم بالإعدام”.

 

ترددت تلك الكلمات في أذني .. شُلت أطرافي لم أعد أقوى على الوقوف أو الحركة ، مر شريط الذكريات أمامي وأنت في أحضاني أُقبلك وأشتم رائحتك، وأنت تحبو ، وأنت تحاول السير وتتعثر ، وأنت تأتي بشهادة تفوقك وعيناك تلمعان من الفرح ،

انحدرت دمعة قاسية وموجعة على حالك يامُهجتي، سرعان ما أخفيتُها عندما جاءني صوتك يطلب مني عدم البكاء وأن أبقى أُماً قوية‍ تليق بك أيها الفارس …

صغيري سأكتب لك الرسائل الى حين عودتك إلى أحضاني سنقرأوها معاً ونطويها معاً .. فثقتي كبيرة بأنك ستعود سالماً رافعاً رأسك عما قريب

أنا بنتظارك _ أُمك ❤️