قصف طيران التحالف العربي في ساعات الفجر الأولى من يوم السبت الموافق 1سبتمبر2019 سجنا سريا يتبع جماعة الحوثي المسلحة استخدمته لإخفاء عشرات المختطفين والمخفيين قسراً ووضعهم كدروع بشرية للقصف ،و روجت أن من يقبع في هذا السجن جلهم من الأسرى، ولكن الحقيقة أنهم مختطفين مدنيين اختطفوا من بيوتهم ومقار أعمالهم.
كما تعمدت جماعة الحوثي المسلحة مطاردة الناجين من القصف وإعادتهم إلى سجون سرية رغم أن أغلبهم جرحى وظلت الجثث تحت الأنقاض لأيام واحتجزت جثث عدد من القتلى رافضة تسليمهم الا بمقابل مالي أو صفقة تبادل أسرى.
مختطفون قضوا نحبهم تحت القصف بعد سنوات من الإخفاء القسري
الضحية العريس “يوسف السماوي” من أبناء سماه عتمه ذمار، قتل بقصف طيران التحالف لمبنى كلية المجتمع، اختطفته جماعة الحوثي المسلحة مطلع عام 2018م، من أحد مكاتب النقل الجماعي في مدينة ذمار، وكان لا يزال عريسا منذ ثلاثة أشهر، الصحفي المحرر من ذات السجن “إبراهيم الجحدبي” قال أن “يوسف” كان ينتحب نحيب الأطفال إذا تذكر قلق أمه وزوجته عليه عندما كان مخفي قسرا في سجن كلية المجتمع، حيث أخبر صديقة “إبراهيم” أنه لا يخاف التحقيقات ولا ما اختطف من أجله، لكنه يخاف قلق أمه وزوجته اللتان كانتا على موعد لزيارته إلى السجن المركزي (الإصلاحية) قبل نقله للسجن الجديد وإخفائه ومنع الاتصالات عنه.
ويذكر الجحدبي حديث “يوسف” وآماله وأمنياته التي كان ما يزال متشبثاً بها على أمل اللقاء بالحبيبة التي تركها مبكراَ لأمر لم يكن له فيه سبب، حيث كان يحدث رفاقه أنه سيخرج قبلهم وأنه لن ينساهم، وسيعمل على سرعة الإفراج عنهم، لكن طائرات التحالف وسجون الحوثي وأَدُوا هذه الأمنيات البسيطة وهي الحق بالحياة ليوسف وعشرات المختطفين.
أما الصحفي “محمد حفيظ” وهو شقيق المختطف “خالد حفيظ” أبلغنا أن أخاه اختطف من بيته ولم يكن أسير حرب، كما تروج جماعة الحوثي وإنما كان يعمل سائق باص أجرة، اختطفته جماعة الحوثي من منزله في مدينة “إب” وزجت به في سجن البحث بـ “إب” ثم السجن المركزي ثم سجن ذمار المركزي ثم سجن كلية المجتمع، حيث أصيب هناك بقصف التحالف وشاهدته أسرته على أحد أسرة المستشفيات جريح، ومنذ تلك اللحظة لا تعلم عنه شيئاً، لأن جماعة الحوثي ترفض الادلاء عن أي معلومات عنه الأمر الذي جعل أسرته تعيش قلقاً مضاعف.
وكتب الأستاذ الدكتور “فؤاد البنا” عن الضحية التربوي “ياسر أحمد قائد الجعشني” والذي اختطفته جماعة الحوثي المسلحة قبل ثلاث سنوات، حيث كان يعمل مديرا لمدرسة أهلية في مدينة القاعدة بمحافظة إب، وظلت تبتز أسرته بمئات الآلاف، من أجل أن يحصل على زيارة من أمه أو زوجته بين حين وآخر، وظلوا يبتزونهم بأضعاف ذلك من أجل الإفراج عنه، حتى قتل في قصف السجن.
“ناج من القصف” أغلب من في السجن مختطفين وليسوا أسرى حرب
التقت رابطة أمهات المختطفين بأحد المختطفين الناجين من استهداف سجن كلية المجتمع رفض الإفصاح عن اسمه لاحتياطات أمنية، قال “أن أغلب منهم في سجن كلية المجتمع مختطفين يتراوح عددهم “157” مختطف وقرابة “10” أسرى فقط، وعندما سألنه من هي المنظمات الحقوقية التي زارتهم، أكد لنا أن الصليب الأحمر زار السجن مرة واحدة، الأمر الذي يؤكد معرفة التحالف العربي بوجود سجن داخل الكلية.
وتفنيدا للمعلومة المتعمد نشرها من قبل جماعة الحوثي، أكد عدد من أسر الضحايا في بلاغات تلقتها رابطة أمهات المختطفين أن أبناءهم الذين قضوا في سجن كلية المجتمع كانوا مختطفين وليسوا أسرى حرب كما يروج له الحوثيون، وأن سجن كلية المجتمع كان مخصص للإخفاء القسري للمختطفين المدنيين الذين اختطفوا من منازلهم ومقار أعمالهم وليس للأسرى، كما أكد مختطفين نجوا من القصف وأخرين خرجوا بصفقات تبادل، أن عدد الأسرى لا يتجاوز أصابع اليد وإنما الغالبية مختطفين.
وأكد أن جماعة الحوثي جمعت أغلب المختطفين قبل القصف بثلاثة أيام حيث كانوا ينقلون مجموعات من محافظات أخرى إلى سجن كلية المجتمع وينقلون آخرين من سجن الكلية إلى سجون أخرى تابعة لهم في تعز وغيرها، حيث تم نقل “12” مختطفا إلى سجن تعز، وأن الـ 6 الأمنيين وهم جنود من صعدة لم يكونوا متواجدين أثناء ضرب الطيران للسجن، الذي بدء تمام الساعة الـ 12 ليلا، كانت ثلاث ضربات متتالية تمكن هو وعشرة مختطفين من الفرار بعد الضربة الأولى التي أنزلت الطابق الثاني إلى الدور الأول وتضرر من كانوا نيام وسط المبنى، أما الذين كانوا في الجوانب والأطراف لم يتضرروا من الضربة الأولى وعندما تمكن من الفرار شاهد الإسعاف الذي وصل بعد عشر دقائق من الضربة.
سجن كلية المجتمع المصير المجهول
مختطفون نجوا من القصف ومحررين سابقين قالوا إن سجن كلية المجتمع سجن خصص لفترات الإخفاء القسري الطويلة، والإهمال الصحي المتعمد وعدم التهيئة المعيشية فيه ناهيك أن محافظة ذمار تصل درجة الحرارة فيها في فصل الشتاء إلى 10درجات تحت الصفر.
المختطف المحرر الصحفي “إبراهيم الجحدبي” يصف لنا أول ليلة قضاها في سجن كلية المجتمع بـ”الليلة الأسواء” منذ اختطافه من قبل جماعة الحوثي المسلحة حيث قال ” وصلت إلى غرفة الاستقبال ورميت فيها في ظروف سيئة للغاية وسط برد قارس وبدون فرش أو أغطية، كانت هناك قطعة فرش رديئة ومن شدة البرد كنت أشعر أنها مبللة بالماء وعندما سألت أحد النزلاء عن مصدر الماء أجابني أن هذا بسبب شدة البرد، وحين توسلت إليه يعطيني مما لديه من البطانيات رمى لي قطعة متهالكة على مضض.. حاولت فرشها ولكن دون جدوى حيث كنت أشعر بالبرد ينبعث من تحتي وينفذ زمهريره إلى عظامي، حاولت أجعل منها دفاء ولم ينفع جمعت كل ما معي من ملابس، ولبست بعضها فوق بعض.. فرشت البعض الآخر.. ووضعت منها فوقي، والبرد يشتد ضراوة وفتكا بجسدي النحيل، حتى كانت ترتعد فرائصي، ولم أستطع أغفو لا ليلتي ولا نهاري الذي يليه حتى تضاعفت آلام الروماتيزم لدي”.
وعن التحقيقات في سجن كلية المجتمع يقول “الجحدبي” أنه تم استجوابه أكثر من مره رغم أنه نقل إلى هناك بشأن مبادلته بأسير حرب من جنود الحوثي، وأنه قبل بهذا التبادل من أجل إنقاذ حياته، وأنه كان ينتظر الإفراج أو الإحالة للقضاء والنيابة ليفصلا في الأمر مع رفضه القاطع لإطلاق سراحه في صفقة تبادل أسرى وهو مختطف وسجين رأي، واستمر الحوثيون بالضغط عليه للتواصل بأصحابه حد زعمهم لتوفير البديل الذي كانوا يشترطونه مقابل الإفراج وكان البديل المطلوب من ثلاثين إلى عشرة أسرى على الأقل.
أما التغذية في سجن “كلية المجتمع” يقول الصحفي “الجحدبي” أن التغذية كانت رديئة وقليلة في نفس الوقت حيث كانت في أحسن الأحوال “فول أو فاصوليا” نيئة تقدم كالحصى لقساوتها، ووجبة الغداء “أرز وطبيخ رديئ مع كدمة صغيرة الحجم لكل شخص”، مما كان يضطرهم للتعاون فيما بينهم وتغطية وسد بعض احتياجاتهم الملحة على نفقاتنا الخاصة بأسعار مضاعفة.
وخرجت أمهات صنعاء وتعز في وقفات احتجاجية بقلوب تملؤها الفجيعة من هول النبأ الذي ورد لهن من سجن كلية المجتمع بذمار استنكرن فيها الصمت الحقوقي والدولي والإنساني تجاه هذه الجريمة اللاإنسانية، كما طالبن بسرعة تكوين لجنة حقوقية دولية عاجلة للتحقيق، ومحاسبة المتسببين في ارتكابها وتقديمهم للمحاكمة، وهما طيران التحالف العربي وجماعة الحوثي المسلحة دون مماطلة، وناشدن المنظمات ونشطاء حقوق الإنسان للوقوف في صف قضية المختطفين العادلة ومنع جريمة الاختطاف والإخفاء والتعذيب واستحداث عشرات السجون السرية.
وحمّل ناشطون ومحللون سياسيون الحوثي كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية بالدرجة الأولى في جرائم اختطاف الأبرياء والزج بهم في السجون، كما حمّل التحالف والشرعية مسؤولية ما يجري من قصف للسجون وهي ليست الحادثة الأولى، مؤكدين أن ما لحق بالمختطفين في السجون من قصف وقتل تحت التعذيب وإخفاء قسري هو “بصمت” مبارك من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان وتغاضيهم المريب إزاء كل ما يحدث في حق هؤلاء الأبرياء.
حيث كانت الأولى قصف منطقة هران بمحافظة ذمار وهي منطقة عسكرية وضع فيه الحوثيين عشرات المختطفين قضوا في قصف الطيران ومنهم الصحفيان “يوسف العيزي وعبد الله قابل” وكذلك سجن الزيدية والأمن السياسي بمحافظة الحديدة، وكذلك قصف كلية الشرطة بصنعاء راح ضحيتها عشرات المختطفين، وقبيل أسابيع فجعنا بقصف كلية المجتمع والذي اتخذته جماعة الحوثي سجنا لإخفاء عشرات المختطفين فيه، جلهم من أبناء محافظة تعز و إب اختطفتهم من طرقات سفرهم ومن بيوتهم.