مساء الخير يا ولدي ..
مساء النور .. على أشلائك المبعثرة بين ركام السجن و ثلاجة الموتى المعطلة في مستشفى ذمار العام ..
حاولت يا ولدي أن ألملم أشلاءك و بذلت في ذلك كل وسعي .. وذقت المرارات كلها و لم تفلح خطاي في ذلك ..
و يوما ما.. سأحكي لصغيرك ذو الثلاثة أعوام حتى لا يلومني أني عجزت عن جمع رفاة والده في قبر يزوره و يضع عليه إكليل ورد ..
سأحكي له أنك رسمت صورته في جدران السجن مرات عديدة .. و أنك كتبت اسمه و حروفه الأولى في كل ركن من أركان كلية المجتمع. .
تلك الأركان التي لم تصمد طويلا تحت ضربات الإخوة الأشقياء .. فانهارت عليك و على رفاقك الأبرياء الذين كانوا مثلك قد ملأوا جدران السجن بذكرياتهم وأحلامهم ..
و ناءت تلك الجدران بالذكريات والأحزان ، فانهارت على وقع الضربات، تكسر عظم الأبرياء النائمين .. و ترض لحومهم ثم أتت جرافات الإنقاذ تخلط الجثث والأشلاء .. و ربما بعض الأحياء تحت الأنقاض ..
تمنيتك جثة يا ولدي .. و ما كنت أتخيل أن أصل لتلك الأماني ..
لنا موعد يا ولدي .. سأقف فيه أمام الله و أشكو إليه أولئك الذين حرموني منك و حرموا طفلك و حبيبتك منك دون ذنب ارتكبته أو جرم اقترفته يداك ..
و سأشكو إليه أولئك المدعين الأشقياء الذين أرسلوا طائرات الموت و الدمار لتقضي على احلامكم وأحلامنا بلقائكم ..