المرأة اليمنية شريكة النضال والتضحية

 

تمثل منظمة «رابطة أمهات المختطفين» قصة نجاح وشجاعة المرأة اليمنية في النضال والتضحية في زمن الحرب، وقدرتها على تحمّل عبء غياب الرجل والدفاع عن حقوقه، حين يجد نفسه في غياهب السجون والنسيان، وقد أصبح ورقة للابتزاز والمساومة هنا أو هناك.

بدأت فكرة الرابطة من تزايد حالات الاختطاف التي يقوم بها الحوثيون، وحاجة النساء إلى كيان يساعدهن في البحث عن أقاربهن المختطفين، في ظل الفراغ الحقوقي وتعطّل المؤسسات القضائية عن القيام بواجبها. ومن رحم المعاناة والحاجة وُلدت الرابطة في أبريل 2016، بعد اتفاق مجموعة قليلة من النساء على تأسيسها بمسمّاها الحالي، ليكون نشاطها البحث عن كل من تعرضوا للاختطاف، أياً كانت انتماءاتهم السياسية، أو الجهة التي اختطفتهم، سواء كانت السلطة الشرعية أم الانقلابيين. ومع مرور الوقت، توسعت أعمالها بصورة كبيرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأصبح لديها فروع في أغلب المحافظات، تُنظّم فيها باستمرار وقفات وفعاليات احتجاجية أمام السجون والمحاكم ومقرات المنظمات الدولية في صنعاء وعدن.
وخلال هذه الرحلة النضالية، تعرضت النساء اللاتي كن يشاركن بالفعاليات للاعتداء والمضايقات والمنع، لكنهن لم يستسلمن لهذا الواقع وواصلن طريقهن في تقصي أخبار المختطفين وأماكن اختطافهم عبر فريق سري منهن متخصص في تعقب جميع أخبار الرجال المختطفين.

لقد نجحت الرابطة في توثيق حالات الاختطاف بشكل منتظم ومحترف وفق قواعد العمل الحقوقي، وإصدار البيانات والتقارير الدورية لتمثل مرجعاً لا غنى عنه لكل باحث، ما أكسبها احترام المؤسسات الحقوقية الخارجية ووسائل الإعلام التي تهتم بأنشطتها وأعمالها.
ولم تكن مهمة التوثيق سهلة بالنظر إلى جملة من التحديات، أبرزها رفض العديد من العائلات الإبلاغ عن ذويها عند اختطافهم، خوفاً على حياتهم أو حرصاً على سلامتها من الأذى، فضلاً عن صعوبة العمل في مناطق الحوثيين بالذات، والتي يحكمونها بقبضة من حديد.
ومع ذلك، فقد باتت الرابطة أكثر جهة يمنية تملك بيانات دقيقة وموثقة عن المختطفين، وتحظى بثقة أهاليهم الذين يتواصلون معها بشأن كل جديد، ناهيك عن أنها محل احترام كبير في أوساط المجتمع، بحكم عملها الإنساني وبعدها عن النشاط السياسي أو الارتباط بأية جهة سياسية. لقد ترك فراغ المنظمات ضحايا الانتهاكات بلا مدافع عن حقوقهم، ولم يكن هناك من جهة قادرة على حمل هذه المهمة الصعبة سوى «رابطة أمهات المختطفين»، التي تناضل من الميدان لأجل الإفراج عن المختطفين في سجون الحوثي والإمارات، وحتى الشرعية إن وجدت.

ويُنظر إليها اليوم على أنها الجهة التي كان لها الدور الأكبر في إحياء قضية المختطفين على الدوام، وتذكير الأطراف اليمنية والخارجية المؤثرة بمأساتهم، وشكّلت ضغطاً كبيراً لجعل هذه القضية أولوية في جولات المشاورات السابقة والحالية في السويد. ولهذا، فإنها تعتبر شريكة في التقدم الحاصل بين طرفي المشاورات بملف المختطفين، وتأمل ترجمة الاتفاق بينهما بخروجهم في أسرع وقت، وإنهاء معاناتهم وعذابات أهاليهم طوال هذه السنوات. إن المرأة اليمنية شجاعة ومناضلة وشريكة في التحولات الوطنية وتحمل المسؤوليات، رغم التحديات التي لم تدفعها للاستسلام والقبول بدور هامشي في الحياة.

#أنقذوا_المختطفين
#حرية_ولدي_أولا