حربٌ.. لا تحتاج من الجلاد أن يبذل فيها جهداً

إن أكثر ما يمكنني قوله في فترة اخفائي قسرا ..

الحمدلله أني كنت من الناجين!

لا بد للجميع أن يعلم أن الأمر ليس بتلك السهولة التي يمكن شرحها بألفاظٍ منطوقة أو تعابيرٍ مكتوبة.

لقد كانت معركة دارت رحاها في وجدان كل من خاضها! فنجى منها من نجى، وهلك فيها من لم يقوَ على المقاومة….

حربٌ غير منظمة، لا تحتاج من الجلاد أن يبذل فيها جهداً، فهو لا يحتاج سوى أن يُلقى بك في تلك الغياهب الموحشة فقط،  لتنطلق بعد ذلك من بين حناياك أول شرارة للحرب الضارية التي سيكون طرفاها أنت وذاتك..!

وهنا سينتهي دور الجلاد البشع، وبرغم كل الأساليب الحقيرة التي سيبتدعها في تعذيبك؛ إلا أنه سيبدو في عينيك ساذجاً  تافهاً لا تحرك بشاعته فيك ساكناً!!

فهناك ما يشغلك عنه مما هو أعنف وأقسى منه بكثير، وهي حربك الداخلية، بين قلبٍ مضطرب، وعقلٍ هائج..!

حرب أفكار تتفاقم بصمت، في زنزانة خانقة، يسكنها هدوء قاتل وسكون وحشي، حيث ترى زملاءك ورفاقك؛ يسقطون ضحايا أوهامهم، دون أن يصدر منهم أي صوت سوى زفراتٍ مكلومة، فترى أحدهم قد وقع فريسة وسواسٍ لعين، فذكّره بأهله وأحبابه وبدأ يعرض عليه فيلماً عنوانه “اللارجوع” ليأخذ عقله ثمناً لتذكرة ذلك الفيلم.

وأخر استبدَّ به هاجس الليل؛ حتى رأى شبح اليأس يلتهم أحلامه، واحدة تلو الأخرى إلى أن نفذت! ونفذت معها كل أسباب البقاء فأعلنت روحه الرحيل!

وهناك من احترقت أحشاؤه ألماً وقهراً حتى بدت الهالات السوداء تحت عينيه، وهناك وهناك…و… و… و… و…

وعني أنا فقد خسرتُ ثلثي طاقتي وعزمي، ولا أخشى سوى أن أخسر الثلث المتبقي منها بسبب ما أعانيه ممن يسمون أنفسهم الحلفاء ويدّعون أنهم كانوا شركائي في تلك الحرب!

وقد قلتُ في البداية أنها حرب، ولا بد لمن خاضها من أن يخسر الكثير سواءً خرج منها خاسراً أو منتصراً

“إبراهيم الخزرجي” .